اليوم نكتب عن البنات، عن اللاتى يتحملن الحياة فى شوارعكم الموحشة، عن الصابرات على ذئابكم البشرية، عن الجميلات اللاتى يسرن فى الشوارع مرتعدات من أياديكم التى تحركها شهوة التحرش وغريزة الحيوان الكامن فى رجال مجتمعكم.
اليوم وكل يوم نكتب عن البنات اللاتى هتفن حتى زلزل هتافهن عرش مبارك، ثم عرش مرسى ولم يجدن منكم سوى فتوى رخيصة تقول بأن صوتهن عورة، عن البنات اللاتى عرتهن وسحلتهن وأهانتهن أيادى عساكركم وضباطكم ولم يجدن منكم سوى عبارة مخنثة تقول وإيه اللى وداها هناك!
فى هذا اليوم وما يخلفه من أيام كثيرة لاحقة نكتب عن البنات اللاتى وقفن بابتسامة رضا وشموخ خلف القضبان لمواجهة حكم ظالم وقاس وصل إلى 11 سنة سجنا لفتيات لم يتخطين بعد حاجز العشرين من عمرهن بسبب جريمة غير واضحة المعالم، ومع ذلك لم يجدن منكم سوى تبريرات مثيرة للشفقة، وتجارة مثيرة للغثيان!!
(2)
لا تستوحش الطريق ولو قل سالكوه.. هكذا قال إمامنا على رضى الله عنه.
وأقول لك مكررا لا تفعلها أبدا ولو كنت وحيدا لنصرة الحق، والحق هنا لا علاقة له بلون «فانلتك» السياسية، لأنه حق وطن بماضيه وحاضره ومستقبله، قبل أن يكون حق فتاة أهانها ضابط فى مظاهرة مجلس الشورى، أو فتاة ظلمها قاض وألقى بها خلف قضبان الانتقام السياسى.
انظر فى أقرب مرآة وشاهد قبح الحقيقة، شاهد الرجال والشباب الذين كانوا أكثر الناس رفضا لوضع أسماء أمهاتهم فى البطاقات الشخصية القديمة إجلالا واحتراما لها على اعتبار أن اسمها حرمة يجب ألا تنتهك من جانب موظف عابث أو ضابط غاضب، أو صديق ساخر، والذين اخترعوا لقب الجماعة والحكومة لإطلاقه على أهل المنزل من النساء تجنبا لذكر أسمائهن على أذن غير أمينة، وشاهد حقيقتهم عارية وهم شامتون فى بنات الشورى اللاتى ألقت بهن الداخلية فى الصحراء، أو فرحون بوضع بنات فى عمر الزهور خلف القضبان لمجرد أنهم يقفون على الضفة السياسية المعادية لتلك الضفة التى تقف عليها البنات.
(3)
كيف أثق فى مجتمع لا تنتفض ذكورة وشهامة رجاله وهم يرون نساء يسقطن أرضا ضحية التحرش وبلطجة الشرطة وقسوة السلطة؟
لا مجال للإجابة هنا، فى ليلة صدور الحكم على بنات الإسكندرية التى سبقها بيوم إلقاء بنات مظاهرة مجلس الشورى فى الصحراء، عدت إلى المنزل فى وقت متأخر ووقف حمل الهموم فوق صدرى حائلا بينى وبين النوم، وجلست بعيون دمعة أنظر إلى فتاتى الصغيرة التى لم نطفئ شمعتها الثانية بعد، نظرات خوف وقلق مصحوبة بحديث هامس لملاك نائم قلت فيه: «يعنى انتى يانيللى لو فى يوم نزلتى تشاركى فى مظاهرة وتهتفى للتعبير عن رأيك يظهر ضابط شرطة ويمد إيده عليكى وبعدين يرميكى فى الصحراء فى نص الليل، وترجعى لبيتك مهزومة ومجروحة تفتحى التلفزيون أو الإنترنت تلاقى مذيعين كبار وأصحابك المختلفين معاكى سياسيا شمتانين فى اللى حصلك وبيقولوا إيه اللى وداكى هناك، يعنى انتى يانيللى لو نزلتى تقولى رأيك ضد السلطة وتحمستى شوية وقطعت الطريق أو ملأ أحدهم صدرك بالغضب لدرجة دفعتك لإلقاء بعض من الحجارة، هيقبضوا عليكى ويحكموا عليكى بالسجن 11 سنة رغم أن عمرك كله 15 سنة، وبرضه تبقى موجوعة داخل القفص وانتى بتسمعى المختلفين معاكى سياسيا بيقولوا تستاهلى أو يخلقوا تبريرات سخيفة للحكم أو يسكتوا خالص وكأن شيئا ما كان.. يا عينى عليك يابنتى، يا حسرة قلبى على مستقبلك اللى مليان رجالة مبتشوفش الست غير فريسة على سرير»!!
(4)
أنت وقح .. مش أنت، أنا أتكلم مع هذا الكائن الذى ترك كل هذا الظلم الملقى على عاتق البنات وجلس يبرر ويحكى عن استحقاق البنات لكل هذه المعاملة الأمنية وكل هذه العقوبات لأنهن ارتكبن جرائم! وحينما تسأله عن هذه الجرائم يصاب بالخرس وتشعر وبأنه ينتظر اتصالا من مذيع أمنجى أو سياسى باع ضميره للسلطة لكى يخبره بباقى قصيدة التبرير.. تبرير إساءة المعاملة الأمنية للبنات، وقسوة المعاملة القضائية مع البنات، وخرس الرجال حينما يتحرش الذئاب بالبنات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة