(1)
قالوا حتى أصبح قولهم عقيدة : اللاعب المصرى نفسه قصير، يبدأ المباراة بشكل جيد، وحينما يقترب من صفارة النهاية، ينهار وتنهار معه النتائج، وأرجعوا ذلك إلى الاستهتار مرة، وإلى غياب ثقافة التحدى مرة أخرى، وفى الثالثة أرجعوها إلى الإمكانيات واللياقة البدنية..
س: هل تذكر برنامجا رياضيا واحدا لم يردح ضيوفه وهم يحللون تلك الظاهرة، ويستفيضون فى شرح الإجابات الخاصة بسؤال.. ليه نفس اللاعب المصرى قصير؟
ج: لا أذكر أنا مذيعا لبرنامج رياضى، أنهى حلقته دون أن يناقش تلك القضية بعد الهزيمة من الجزائر أو البرازيل أو أمريكا، أو الخروج من بطولة أفريقيا، أو هزيمة منتخب اليد فى آخر دقيقتين، ولكن أذكر جيدا أن كل البرامج السياسية لم تقترب أبدا من طرح السؤال بصيغته المناسبة: ليه السياسى المصرى نفسه قصير؟، أو بمعنى أصح، لماذا يبدأ المظاهرات والثورات ويفشل فى إنهائها لصالحه؟، لماذا يؤسس لحركات سياسية وأحزاب ثم تموت قبل أن تتعلم الحبو، أو يعرفها 10 أشخاص فى الشارع؟، لماذا يبدأ ثوريا، ويرفع شعارات المبادئ وحقوق الإنسان، ثم يتنازل عن كل شىء فى منتصف الطريق، أو حينما يركب فى قطار السلطة؟، لماذا يعد الناس بالشفافية والنهضة والمشاركة، ثم ينسى كل الأشياء ويتحول إلى ديكتاتور بمجرد الجلوس على الكرسى؟.
إن كنت تريد إجابات تعال نذهب إلى مستر فرودو!!..
(2)
فى السنوات الأخيرة أنتجت أمريكا فيلما سينمائيا حقق نجاحا كبيرا وحمل عنوان سيد الخواتم، أو مملكة الخواتم «The Lord of the Rings» والفيلم الذى قدمته هوليود فى ثلاثة أجزاء، مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب البريطانى «ج. ر. تولكين»، ومن بين مجموعة الأبطال الرئيسية فى الفيلم، توجد شخصية «مستر فرودو» الهوبيت الصغير الذى أخذ على عاتقه تنفيذ أصعب مهمة فى الفيلم، وهى تدمير الخاتم مصدر الشر، «فرودو» الشجاع انطلق فى رحلته القاسية بشجاعة منقطعة النظير، تحامل على نفسه وسار فى طريق وعرة وسط مطاردات من «الأوراكس»، وأتباع «ساورون» الشرير، وهو لا يرى سوى هدف واحد فقط تدمير الخاتم مصدر الشر، قاوم مستر «فرودو» إغراءات سلطة الخاتم، التى سقط فى فخها الكبار، تجاهل إغراءات السلطة وفكر فقط فى المصلحة الكبرى للإنسانية وللمملكة، ولكن لحظة الضعف زارته وخضع أمام سلطة الخاتم حينما وصل إلى عين الشر إلى حمم البركان، أو المحطة الأخيرة التى يجب أن يسقط فيها الخاتم لكى يتم تدميره تماما.
كل الرحلة الصعبة لم تشفع «لفرودو» الطيب، كما لم تشفع له نواياه وسقط فى فخ إغراءات الخاتم، وأغوته سلطة الخاتم، وبدلا من تدميره قام بارتدائه، ولولا طمع «سمايغل» الشرير فى الخاتم، وانقضاضه على «فرودو» وقطع إصبعه، ماكان الخاتم قد سقط فى الحمم البركانية وماكانت مهمة «فرودو» قد نجحت..
(3)
أنت تسأل وهذا حقك..
س: ماعلاقة فرودو وسيد الخواتم والأفلام، وكل هذا الرغى السينمائى بالنخبة السياسية فى مصر، وشباب الثورة؟
ج: كلهم «فرودو» ياسيدى، كلهم «فرودو»، رغم أن «فرودو» كان أكثر منهم نقاء، وأكثر منهم بذلا للجهد من أجل تحقيق هدف واحد وواضح، كلهم بدأوا المسيرة بهمة تحت شعار تحقيق هدف مصلحة المجتمع، وحينما اقتربوا من بريق السلطة، سقطوا فى فخ إغوائها وخضعوا لها تماما.. شباب الثورة هتفوا عقب 25 يناير عيش حرية عدالة اجتماعية، وحينما اقتربت الكراسى فى الوزارات أو الفضائيات جلسوا وصمتوا، الإخوان هتفوا النهضة، ونحمل الخير لمصر، وحينما جلسوا على الكرسى، ارتدوا خاتم الشر، ولم نر من كفوفهم سوى الشتائم والتكفير والفشل ورغبة الاستحواذ، جبهة الإنقاذ وكبار 30 يونيو، هتفوا التخلص من الفاشية الدينية، وحينما جلسوا على الكرسى، خضعوا ولم يهمهم أحدهم ولو بنصف كلمة غير مفهومة عن الفاشية العسكرية، أو فاشية المنتصر التى تريد الإطاحة بكل من يفكر فى نقدها، أو تصحيح مسارها..ألم أقل لك إنهم كلهم «فرودو».. مع الاعتذار «لفرودو».
(4)
س: ليه السياسى أو اللاعب المصرى نفسه قصير؟
ج: نفسه ليس قصيرا.. ولكنه شرير، نفسه ليس قصيرا.. ولكن طموحه يتوقف عند المصلحة الشخصية، إن تحققت بالقفز على السلطة، أو الفوز بمكافأة مباراة لا يهتم أبدا بذل الجهد من أجل المصلحة العامة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة