فوجئت بالمبالغة فى ردود الفعل التى أثارتها أولى حلقات برنامج باسم يوسف فى موسمه الثانى، حيث تقدمت عدة حركات شعبية وعشرات المحامين ببلاغات للنائب العام ضد باسم، تتهمه بالإساءة لوزير الدفاع والجيش.
فى الريف هناك شخصية تمتلك موهبة السخرية اللاذعة المطعمة بالإيحاءات الجنسية، فضلا على نحت مصطلحات وإطلاق مسميات على كبار رجال القرية لابتزازهم، فيتسابق بعضهم لإرضائه خشية لسانه السليط، وعادة ما يكون «سفيه القرية» منبوذًا وليس لديه ما يخسره، وهناك من يتصدى للسفيه بطريقة مختلفة كالإيعاز لشباب العائلة لتأديبه.
تذكرت هذه الحالة وأنا أتابع أداء باسم يوسف الذى أصبح «ميجا ستار» خلال شهور، بحلقاته الساخنة ضد الرئيس المعزول مرسى، الذى كان يوفر مادةً خصبة للسخرية، بطريقته وخطبه، لكن عقب الإطاحة به، وجد باسم نفسه فى مأزق، فالرئيس المؤقت يتحدث نادرًا، ووزير الدفاع عسكرى جاد يتحدث بحذر وبساطة تدخل القلوب، فضلاً على ذلك، فهناك ملايين المصريين يرون السيسى «بطلاً شعبيًا» وليس موضوعًا للسخرية، وللمفارقة فهؤلاء هم «عُشّاق باسم» الذى يُبغضه الإخوان وليسوا جمهوره، ومع ذلك سخر من الرئيس المؤقت والسيسى، وإن كان بطريقة ناعمة نسبيًا.
اشتعلت مشاعر الغضب من مؤيدى الجنرال، وأصبح باسم فى مرمى القصف من كل الاتجاهات، رغم أنه كان يسير على خيط رفيع، لكنه اُتهم بالإسفاف والإفراط بالتلميحات الجنسية المبتذلة ضد قادة الجيش وصلت لحد الإساءة التى تستوجب محاكمته، كما يرون.
تساءل آخرون مستنكرين: لماذا تغضبون الآن من باسم، بينما كنتم تصفقون له حينما كان يُكيل السخرية لمرسى، فيردون: إن مرسى كان يتصرف ويتحدث بطريقة تستحق السخرية، وأن الأمر لا يتعلق بشخص السيسى، لكن بهيبة المؤسسة العسكرية التى لا يصّح أن تكون مادة للسخرية، فهذا محظور حتى بأكثر الديمقراطيات رسوخًا. وبتقديرى المتواضع، فإن باسم «زودها حبتين»، لكن هناك من زايد على الأمر أكثر مما يستحق، وأراهن أن السيسى ليس غاضبًا، لكن «رابطة المتشنجين» استغلت حلقة ساخرة لمذيع كوميدى لإضفاء قداسة لا يرغبها السيسى، فالرجل بسيط سمح يتسع صدره لما هو أسوأ بصبر وحكمة، ويُدرك جيدًا أن المتشنجين ليسوا أفضل ممن يمارسون التهريج المبتذل، فاتركوا باسم لجمهوره يحاسبه، لأن الجنرال الذى أصبح «أيقونة وطنية» أكبر من سخافات السفهاء، وليس بحاجة لخدمات المتشنجين والمزايدين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة