كل يوم كان صغيرى يعود من المدرسة والدماء تسيل من أنفه، وملابسه ممزقة، ووجهه معفر، والدموع فى عينيه.
مالك يا ولد؟
ضربونى!
وتسأله فتعرف أن بعض التلاميذ الأكبر حجمًا ضربوه بعد أن استولوا على ساندويتشه مرة، أو كسروا قلمه مرة أخرى!
وقد تعودت على هذا المشهد كل يوم، ولم تنفعه أبدًا نصيحتى له بأن يدافع عن نفسه ضد عدوان زملائه الغاشم «فالكثرة تغلب الشجاعة» كما تعرفون، كما أن صغيرى ولد مسالم كما لا تعرفون!
وهكذا فقد عودت نفسى على أن يعود ولدى من المدرسة يوميًا وقد نال «العلقة التقليدية».
لكنى ذات يوم أصابنى العجب الشديد عندما وجدته عائدًا من المدرسة بملابسه نظيفة، ووجهه سليم بلا إصابات أو كدمات.
إيه الحكاية يا ولد؟
أصلى دخلت «شلة»!
وبدأ يروى لى كيف أنه فى البداية كان وحيدًا، ولذلك كان فريسة لكل من هب ودب، حتى تفتق ذهنه الصغير فى النهاية عن الحل السعيد، وهو أن ينضوى تحت زمام «شلة» تدافع عنه، وتدفع عنه إيذاء الآخرين!
طيب..
إذا كانت «الشلة» قد حلت مشكلة ولدى الذى وضع يده بعقله على نغمة العصر، وهى أنك ما لم تكن قويًا، فلا حل أمامك سوى الاحتماء تحت جناح الأقوياء، وهذه حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد، فماذا يمكن أن أفعل أنا الكبير؟
هل تصلح «شلة» ولدى فى المدرسة من أشقياء التلاميذ كبار الحجم وذوى العضلات فى حمايتى شخصيًا من الأذى؟
وهل يقبلون أصلاً انضمامى إليهم؟
وأنا طفل أصغر من طفلى.. لكن مشكلتى أن جسدى أطول من جسده، وأنه كان يتلقى الضربات فى أنفه فيسيل منها الدم.. وأنا أتلقى الضربات فى قلبى، فيموت منه جزء كل يوم؟
ليتهم يقبلون..
لأن نار الصغار.. أرحم من جنة الكبار!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة