تعود المستبدون والمستغلون - بفتح الغين - فى كل عصر إثارة الفزع والخوف لدى الجماهير حتى يبرروا وجودهم، ويتمكنوا من التلاعب بالعقول والمشاعر، لذلك نجد فى كل ثقافة ووطن فزاعات خاصة أكثر تأثيرا من غيرها، حيث تتصدر فزاعة المؤامرة لاحتلال مصر أو تقسيمها رأس قائمة الفزاعات المخيفة التى تشل تفكير أى مواطن لأنها تخاطب وطنيته وتستغل منظومة الأفكار والثقافة التى تربى عليها أغلب المصريين، وهى الإيمان بوجود مؤامرة كونية ضدنا، والغريب أن دورنا دائما هو المفعول به المستسلم غير القادر على المقاومة وردع المؤامرة والانتصار عليها، كما سبق أن انتصرنا فى كثير من المواجهات عبر تاريخنا الطويل.
انطلقت ثورة يناير ومع ذلك لم تتغير الأفكار والفزاعات، بل جرى النفخ فيها، فمبارك أو الفوضى، والربيع العربى مؤامرة، وثورة يناير فجرها شباب نقى ومخلص، لكن أمريكا وإسرائيل والإخوان استغلوا الأحداث لصالحهم، كما استغلوها فى تونس واليمن وليبيا وسوريا، وكونوا طابورا خامسا فى كل المنطقة، بما فيها مصر لتنفيذ مخططات استعمارية شيطانية لتدمير الجيش والدولة المصرية، وفى روايات أخرى لاحتلال مصر بعد تقسيمها، طبعا حكاية الطابور الخامس فزاعة جديدة، لكنها أحد مكونات الفزاعة الأم، أقصد فزاعة المؤامرة، وقد ظهر بعد 30 يونيو، وروج له بعض المنتمين لنظام مبارك، بقصد تشويه بعد الأشخاص واتهامهم بالعمالة والعمل لتنفيذ أجندات تخدم المؤامرة ضد مصر، أى أننا إزاء استعمال لسلاح التخوين ضد بعض المواطنين من دون وجود أدلة أو تحقيقات جادة أو أحكام قضائية تدين هؤلاء المواطنين بتهم تلقى أموال من الخارج لخدمة مصالح دول أجنبية، وأعتقد أن توقيت استخدام هذه التهمة مرتبط بتشويه ثورة يناير وفصلها عن موجة 30 يونيو، لأن أغلب المتهمين بالعمل كطابور خامس هم من قياديى 25 يناير والمؤمنين بأهدافها، ومن الظلم اتهام أى مصرى مهما اختلفت أو اتفقت معه بالعمالة من دون تحقيقات نزيهة وأدلة مقنعة.
سلاح التخوين هو الوجه الآخر لسلاح التكفير الذى استعمله الإخوان، ويتبقى سلاح ثالث هو الانتماء للفلول، وهى حقيقة مقبولة لا تحتاج إثباتا أو حكما قضائيا لأن مقالات وتصريحات أنصار التوريث مسجلة، والمناصب القيادية والأدوار التى قام بها المنتمون لنظام مبارك معروفة للجميع، إذن لابد من التفريق بين التخوين والتكفير والانتماء للفلول، وعدم الخلط بينها، لأن هناك نظرة عدمية لدى البعض ترى أن كل المواقف عبثية.. ولا فائدة من العمل السياسى.. وكل الأطراف لا تصلح للمرحلة.. الفلول ساندوا مبارك ضد الشعب، وكثير من شباب الثورة تحولوا إلى طابور خامس، والإخوان تجار دين لا يؤمنون بالوطنية، وقادة جبهة الإنقاذ فاشلون يبحثون عن مناصب، وبالتالى لا بديل عن السيسى رئيسا لمصر.
أرفض هذا الاتجاه العدمى وقناعتى أننا فى حاجة لتجديد الأمل والثقة فى قدرة المصريين على التحول الديمقراطى وتحقيق أهداف ثورة يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو، ويتطلب ذلك دستورا ديمقراطيا ودولة مؤسسات، وتوافقا على أهمية دور الجيش كضامن لمدنية الدولة التى لا بد أن تتغير لتصبح دولة ديمقراطية حديثة، وليست دولة استبدادية أمنية كما كان وضعها أثناء حكم مبارك، الدولة إذن وبقيادة رئيس مدنى وحكومة ائتلافية، وبدعم من الجيش يمكنها أن تجدد أدواتها وتقود عملية التحول الديمقراطى والتنمية، تماما على غرار ما جرى فى تركيا وكوريا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
lكرم شحاته
الاخوان هم الطابور الخامس
عدد الردود 0
بواسطة:
على برهان سفير سابق
الأمريكان أفتعلوا بمصر ثورة فى 25 يناير بواجهه ليبرالية لتوصيل الأخوان للحكم
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور أشرف البربرى
كثيرا من المثقفين مثلك كانوا يعتقدون أن ما يحدث فى الشرق ثورات و ليست مؤامرة أمريكية
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد المصرى واحد من الشعب المصرى
كل الشعب المصرى يعلم من هم الطابور الخامس و بالأسماء إلا كاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
مستشار سيد عبد المنعم
يا سيدى كل المصريين عرفوا تماما ان 25 يناير مؤامرة امريكية لتفتيت مصر لدويلات
عدد الردود 0
بواسطة:
مستشار سيد عبد المنعم
يا سيدى كل المصريين عرفوا تماما ان 25 يناير مؤامرة امريكية لتفتيت مصر لدويلات
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور مصطفى عبد الدايم بالأمم المتحدة
الى 1 : الأخوان هم هم أعداء الوطن أما الطابور الخامس هم خونة الوطن يا سيدى !