المكان: مدن مصر المحروسة.. الزمان: الأحد 6 أكتوبر الساعة 2:15 ظهرًا.. الحدث: الذكرى الأربعون لانتصار أكتوبر.. الحدث الموازى: كنائس مصر تدق أجراسها تحية للعبور.. قطع..
المكان: مدن مصر المحروسة.. الزمان: الجمعة 20 سبتمبر بعد شعائر صلاة الجمعة.. الحدث: جنازة شهيد مصر اللواء نبيل فراج.. الحدث الموازى: كنائس مصر تدق أجراسها دقات جنائزية حزينة تحية للشهيد من الإسكندرية لأسوان.. قطع..
المكان: بعض من مدن مصر المحروسة.. الزمان: منذ 2011 وقبل ذلك.. الحدث: حرق كنائس مصر وهدم بعضها فلا تدق الأجراس.. قطع..
المكان: مدرسة للبنات تتبع إحدى كنائس مصر.. الزمان: فى نهاية الستينيات من القرن الماضى.. الحدث: إدارة المدرسة تقرر من تلقاء نفسها دون طلب أو ضغط أن تبنى داخل المدرسة جامعًا إلى جوار الكنيسة لكى تصلى فيه بناتها من المسلمات.. قطع..
فى أروقة تلك المدرسة فى فصل الحضانة جمعت الصداقة بين فتاتين صغيرتين فكانتا لا تفترقان، لا يهم اسميهما، فلم تكن الأسماء فى ذاك الزمان تُفرّق كثيرًا بين الناس، فلم يكن اسم مارى أو فاطمة إلا اسمًا يدل على فتاة، ولم يكن يشير أو يثير فى المصريين آنذاك أى معنى دينى أو دلالة يحدد بها أحد علاقته بالآخر، ولذا لم تكن الفتاتان تدركان فى هذا الوقت أن كلًا منهما تنتمى إلى ديانة مختلفة عن الأخرى. لم تعرف الفتاتان شعارًا يقول «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، فهذا لم يكن زمن الشعارات، لكنه كان زمن الأفعال.
كانت الفتاتان تدرسان فى نفس الفصل، وتلعبان فى نفس الملاعب، وتذهبان إلى التشابل أو الكنيسة معًا وإلى الجامع معًا، علمتهما مدرستهما أن تصلى كل واحدة بطريقتها، ولكن لإله واحد.
علمتهما مدرستهما التى تنتمى للكنيسة أن الدين لله والوطن ملك الجميع، علمتهما أن الكذب حرام وعيب، وأن النميمة شر، وأن الغش صفة الشياطين، علمتهما الرحمة والتراحم واحترام الآخر مهما كان فقيرًا أو غنيًا، كبيرًا أو صغيرًا، علمتهما معنى الإيمان دون تخويف أو إرهاب، وعلمتهما الاستمتاع والارتقاء حين تسمعان الأذان للصلاة، سواء بصوت الأستاذ محمود، مدرس اللغة العربية، صاحب الصوت الجميل، أو حين تدق الأجراس فى الكنيسة. تخرجت البنات فى المدرسة، وتغيرت مصر، ولكن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، فمازالت البنت المسيحية التى أصبحت اليوم سيدة ناضجة كبيرة تطرب لسماع صوت الأذان من شيخ حلو الصوت، خاصة الشيخ محمد رفعت، ومازالت البنت المسلمة تستمتع بصوت دق الأجراس فى الكنائس. أما البنت المسلمة فهى أنا، وأما البنت المسيحية فهى مارى التى مازالت صديقة العمر التى تطرب لصوت الأذان كما علمتنا مدرستنا التى تتبع الكنيسة. وها أنا قد عشت وعاشت مارى زمنًا تتهدم فيه الكنائس باسم الإسلام، ورغم ذلك مازالت الأجراس تدق كلما حزنت مصر أو فرحت.
مرت الظروف والنوائب على مصر بمسلميها ومسيحييها، ولا يستطيع أى مصرى أن ينكر أن مسيحيى مصر أثبتوا فى أقصى الظروف التى واجهوها أنهم أكثر وطنية حقيقية وحبًا وارتباطًا بهذا البلد من غيرهم، فلا استنجدوا بقوة خارجية، ولا طالبوا بتدويل قضيتهم، ولا انجرفوا فى غضب ليدخلوا بمصر فى حرب طائفية، بل كانوا فقط مصريين مدركين لأبعاد اللحظة الفاصلة التى يواجهها هذا البلد، بلدهم. والآن ونحن فى مرحلة إعادة البناء، بناء مصر التى تهدمت على يد الفساد والجهل والخيانة، ليس أقل من نعطى كل ذى حق حقه، ومسيحيو مصر يستحقون كثيرًا، فلمَ لا يرد لهم المسلمون الجميل، ويتبرعون فى اكتتاب لإعادة بناء بعض من الكنائس التى تهدمت بأيدى بعض المجانين منهم، ولمَ لا نقف جميعًا مطالبين بكوتة فى البرلمان للأقباط والمرأة لإنجاز العدل تجاه فئات فى المجتمع أثبتت بالدليل القاطع البات أنها أجمل وأنقى وأعظم دعائم مصر. كنت ومازلت على قناعة بأن مصر لا تحتاج بيوت عبادة أكثر مما فيها سواء للمسلمين أو المسيحيين، وكنت ومازلت أرى أن مصر تحتاج لآلاف المستشفيات والمدارس وليس لمسجد أو كنيسة، ولكنى فى هذه اللحظة أدعو المسلمين لتبنى الاكتتاب لبناء الكنائس التى تهدمت حتى نداوى الجراح التى لم يصرخ أصحابها وقت أن كان من حقهم الصراخ، وحتى لا نكتفى بفيلم هابط لصورة قس مع شيخ نؤكد بها لُحمة هذا الوطن وأبنائه.. أعلم أن القوات المسلحة قررت ترميم بعض الكنائس التى تهدمت، ولكن ماذا لو تكاتف المسلمون مع بعض فى هذا الشأن، لحظة ستكون فيها مصر أجمل وأبهى وأكثر سماحة ورحابة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة