منذ أيام قليلة, كال اللوبى الإعلامى الليبرالى اليسارى، وزعماء جبهة الإنقاذ، الاتهامات للإخوان المسلمين بالعمالة للأمريكان، وذلك فى أعقاب رحلة نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، د. عصام العريان للولايات المتحدة الأمريكية، والذى أكد أنه لم يلتق خلالها بأى مسؤول أمريكى، وأن زيارته كان سببها حضور جلسة استماع للاتحاد البرلمانى الدولى حول دور البرلمانيين فى بناء السلام الذى عُقد على مدار يومى السادس والسابع من ديسمبر الماضى بمقر الأمم المتحدة بنيويورك بالولايات المتحدة، وكعادة المعارضة نسجت حول هذه الزيارة قصصا وهمية، بعيدة كل البعد عن حقيقة الأمر، وذلك بغرض التشويه والاغتيال المعنوى لرموز الإخوان، وبالرغم من توضيح العريان لسبب زيارته لأمريكا، فإن الحملة الشرسة استمرت.
وبالأمس القريب وجدنا من يصبون لعناتهم على الأمريكان، من قيادات جبهة الإنقاذ يخرجون علينا بعد اجتماعهم يوم الأحد الماضى، ليؤكدوا أنهم اتفقوا على إرسال وفد من الجبهة، يضم كلا من منير فخرى عبد النور وأسامة الغزالى حرب ومحمد أبوالغار وأحمد سعيد، ليلتقوا بالسيناتور جون ماكين يوم 16 أو 17 يناير الجارى، وحسب ما أكد محمد سامى رئيس حزب الكرامة، فإن الوفد المتوجه من جبهة الإنقاذ الوطنى لمقابلة ماكين سيناقش الموقف السياسى الحالى فى مصر!
ولا أدرى ما علاقة السيناتور الأمريكى بالشأن السياسى الداخلى، وهل هذا ليس استقواء بالخارج، وإقحام الأمريكان فى الشأن المصرى، عن طريق المناضلين من جبهة الإنقاذ المعارضة، وألا يعد ذلك تكرارا لموقف المعارضة فى بعض الدول العربية، التى تسببت فى إغراق أوطانهم فى أوحال الاحتلال، وليس العراق عنا ببعيد، وهل إخواننا اليساريون أصحاب الحناجر القوية فى هذه الجبهة، تناسوا ما رددوه حول فرضية البعد عن شيطان العالم الأمريكان، وتخوينهم لكل من يتقارب مع الأمريكان، أم أن المصلحة تقتضى أن يغمضوا عيونهم حتى تمر هذه الصفقات السياسية بسلام، ويغلقوا أفواههم وتجف حناجرهم لبعض الوقت، حتى تنجز هذه المهمة، فالغاية النبيلة بإسقاط الإسلاميين، تستوجب عليهم أن يمدوا أيديهم لشيطان العالم، والغاية تبرر الوسيلة حتى لو كانت بيع القيم والمبادئ، فكل ذلك من الممكن أن يرمم ويسترد بعد سقوط التجربة الإسلامية فى الحكم!
أما عن موقف المناضلين الليبراليين فى هذه الجبهة، من قضية التواصل مع أمثال مكين، ما هو إلا عودتهم للحبل السرى الغربى، الذى لم يستغنوا عنه أبدا، واستلهموا منه دوما نماذجهم السياسية والأخلاقية، واستقووا به فى أكثر من موقف، ولعل حادثة «الهولوكست» والاستنجاد بالغرب للتصدى للدستور الجديد، خير دليل على مدى متانة العلاقة بين الطرفين، لكنهم هذه المرة عادوا له برفقاء جدد، طالما لعنوا هذا الحبل، وطالبوا تكرارا بقطعه، لكن المصلحة استوجبت عليهم الاعتصام به، واستخدامه لو لمرة واحدة، لن تضر كثيراً.
وأذكر الجميع أن شعبنا واع ويعلم حقائق الأمور، وسيلقن أصحاب المواقف السياسية المتلونة، بحسب المصلحة، درسا من خلال الصندوق الانتخابى، خلال الانتخابات البرلمانية القادمة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة