لعل من أكثر ما أخذ على نظام مبارك هو سعيه الدؤوب لتسييس الدستور، فى هذا الصدد قام مبارك بتسييس تعديل 2005 عندما عدل المادة 76، بتقرير توريث السلطة، ثم تسييس تعديل 2007، عندما عدل تلك المادة إلى جانب مواد أخرى سعى من خلالها لضبط الأمن داخل نظامه بتجميد بعض مواد حقوق الإنسان (م41 وم44 وم45)، بتقرير المادة 179 المسماة بمكافحة الإرهاب، ومنع الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات (م88). بعدئذ خاض مسرحية الحد من سلطات الرئيس فى مواد أخرى، وذلك بعد أن ضمن بتعديل المواد سابق الإشارة إليها أمن نظامه.
ما أشبه الليلة بالبارحة، فالدستور الجديد أيضًا سيست مواده، وسعيًا لإرضاء المعارضة، وعدت المعارضة بتعديل جديد ومقترحات سوف تعرض على أول مجلس نواب، متى تم الوعد؟ تم قبل إجراء الاستفتاء بأكثر من أسبوع. مساخر ومهازل، نبدأ فى تعديل الدستور قبل إقرار السابق، هل يتخيل أحد ذلك؟ هل يصدق أحد أننا سنغير الدستور قبل الاستفتاء على سابقه؟ حتى لو صدقت النوايا، فأى مضيعة للوقت والجهد والمال بإقرار تلك المهازل؟ عندما تتحدث بالنقد لكل هذه الأمور، تطالك ألسنة الحكم وزبانيته، بأنك من الفلول ومن الهدامين!!
لكن أى مواد فى الدستور الحالى تم تسييسها؟ العديد من مواد الدستور الحالى مسيسة، خذ على سبيل المثال ما يلى: -
تقرير العمال والفلاحين فى الدستور الحالى لفصل تشريعى واحد، سعيًا لجذب أصوات الناخبين من قبل جماعة الإخوان فى انتخابات مجلس النواب الجديد، وقد ضحك هؤلاء على العمال تحديدًا بتقرير أن كل الناس عمال وفقًا لتعريف المادة للعمال.
تقرير مجلس الشورى كمشرع أوحد، والحجة أليس هذا أفضل من بقاء التشريع فى يد الرئيس الفرد؟ لكن المضمون هو نقل التشريع لمجلس ذى أغلبية إسلامية كاسحة، لتقرير قوانين مهمة حتى ينعقد النواب.
تقييد حرية الصحافة وسائر وسائل الإعلام (مقارنة بدستور 1971) بعبارات هلامية كمصلحة المجتمع واحترام الحياة الخاصة للمواطنين، وذلك كله بعد أن طالت وسائل الإعلام بالنقد التيارات الدينية المتشددة خلال الأشهر القليلة الماضية.
تقرير الفكر السلفى من خلال المادة التى قيل عنها إنها شارحة للمادة التى تنص على تقرير مبادئ الشريعة الإسلامية، وهو ما عبر عنه الطبيب ياسر برهامى منذ أكثر من 10 أيام، بأنه هدف سلفى تحقق بنجاح!!
تسييس بعض مواد القضاء، بتقليص عدد قضاة المحكمة الدستورية، بعدما قامت تلك المحكمة بالسيادة لحرية الرأى والتعبير وحق المساواة وممارسة عملها بتقرير دستورية أو عدم دستورية القوانين، وذلك بعدما أقرت بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب.
إظهار أن الرئيس منزوع السلطات أمام الغير، وأنه يختص فقط بالدفاع والسياسة الخارجية، وبالمقابل وضع له الحق فى تقديم أى أمر للاستفتاء على الشعب، دون تحديد أو دون أية ضوابط كما فى دستور فرنسا، أى من الممكن الاستفتاء على أحكام المحاكم، وتعيين رؤساء الهيئات المستقلة والرقابية، وغيرها وغيرها من أمور.
النص على تقرير النظام الانتخابى بأى نظام يجمع بين الفردى والقوائم، والإشارة بالنسبة للانتخابات القادة تحديدًا لنظام الثلث والثلثين، رغم أن المحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية ذلك، لكن هذه المرة تكرر الوضع بمزاحمة هذا لذاك كما يزاحم ذاك هذا!!
وغيرها وغيرها من مواد التى ستكشف عنها الأحداث فى الأشهر القليلة الماضية.. وعلى الله قصد السبيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة