لا أدرى متى سيبدأ الإخوان فى التفكير فى مصر ومشاكلها المتراكمة والمتزايدة كل يوم، وإلى متى سيظلون شغوفين ومهتمين بالاستحواذ على السلطة، ومتى سيتوقفون عن استفزازنا بتصريحاتهم وإعلاناتهم وقراراتهم الغريبة، والتى تعكس جهلاً واضحاً بشئون الحكم والإدارة، وتعكس أيضاً انعدام الخبرة فى التعامل مع الشعوب وأزماتها وأيضاً مشاعرها، لدرجة أن أنصارهم ومؤيديهم أنفسهم فقدوا الحيلة فى تبرير تصرفاتهم.
حالة وظاهرة غريبة على الساحة المصرية تثير تساؤلات وجدل حقيقى، إنها ظاهرة الاستفزاز المتكرر من قِبل جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها للشعب المصرى بتصرفات وقرارات وتصريحات ليست فقط غريبة، بل شاذة للغاية، سواء فى مضمونها أو توقيتها، ففى الوقت الذى تشتعل فيه الساحة المصرية غضبا وثورة على أساليب الإخوان فى الحكم، يخرج علينا قيادى بارز فى الجماعة، هو نائب حزب الحرية والعدالة عصام العريان، بتصريح يطالب فيه بعودة اليهود الإسرائيليين المصريين إلى بلدهم مصر، مع إمكانية تعويضهم عن الخسائر التى سببتها لهم الهجرة، ومع الزعم الباطل من العريان بأنهم تم طردهم من مصر فى عهد عبد الناصر، وإن كان قد تراجع عن هذا بعد أن تذكر فجأة أن معظم اليهود المصريين هاجروا فى الأربعينيات قبل ثورة عبد الناصر.
بغض النظر عن سذاجة هذه الدعوة، إلا أن التساؤل هو، لماذا هذه التصريحات الغريبة فى مثل هذا التوقيت بالتحديد، ومصر تواجه أكبر وأعقد الأزمات فى تاريخها، والإخوان يتعثرون كل يوم فى إدارة البلاد، ولم يقدموا حتى الآن أى شىء يشير إلى أنهم يقودون البلاد فى الطريق الصحيح، ويواجهون احتجاجات واعتصامات ومظاهرات لم تتوقف يوماً واحداً منذ توليهم الحكم فى مصر، وهل يمكن التعامل مع تصريحات العريان هذه على أنها هفوة عابرة أو ذلة لسان، حتى لو أنكرت الجماعة ومؤسسة الرئاسة مسئوليتها عنها؟.
الواقع، من وجهة نظرنا، أن تصريحات العريان هذه لها دلالات جادة وغاية فى الخطورة، وأنها متعمدة فى هذا التوقيت بالتحديد بعد عودة العريان من زيارته السريعة لواشنطن التى قام بها أثناء تصاعد حدة الاحتجاجات والاعتصامات فى الشارع المصرى ضد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى، حيث صدرت من واشنطن تصريحات تنتقد تصرفات الإخوان والرئاسة المصرية وتعتبرها حيادا عن الديمقراطية، وكتبت الصحف الأمريكية تقول إن حكم الإخوان أسوأ من حكم مبارك، وتنبأت بسرعة سقوطهم، الأمر الذى أثار خوفاً وقلقاً لدى جماعة الإخوان من فقدان الدعم الأمريكى لهم، فبادروا بإرسال شخصية إخوانية قيادية مهمة لواشنطن ليشرح للأمريكيين حقيقة الأوضاع من وجهة نظرهم، وسمعنا من العريان وهو فى واشنطن تصريحاً خطيراً نقلته لنا وسائل الإعلام الأمريكية يقول فيه، "إن الإخوان المسلمين فى مصر هم أكبر ضمانة لأمن إسرائيل"، ثم عاد لمصر ليطلق تصريحه الشاذ حول عودة اليهود المصريين.
تصريحات العريان هذه، التى لم نسمع مثيلاً لها من قبل، تأتى، من وجهة نظرنا، بمثابة قطرة صغيرة لنهر قادم كبير من الخضوع والتنازلات وفقدان السيادة والإرادة، وتشير بوضوح إلى أن مصر سوف تدار من الخارج، وبشكل أسوأ بكثير مما كان فى عهد مبارك، وتشير بوضوح إلى أن الإخوان المسلمين سيكونون أداة فى يد أعداء مصر وشعبها.
العريان ليس شخصية عادية أو ثانوية فى الجماعة، بل هو قيادى بارز وعضو رئيسى فى مكتب الإرشاد، وهو شخصية سياسية مصرية معروفة ونائب برلمانى لسنوات ودورات عديدة، وليس معروفاً عنه السطحية والعشوائية فى حديثه، وبالتالى فمن العبث، بل ومن الخطورة، أن تمر تصريحاته هذه مرور الكرام، وكأنها لم تكن، حتى لو أخلت الرئاسة وجماعة الإخوان مسئوليتها عنها، لأنها تصريحات ذات دلالة قوية وواضحة على انتماءات وولاءات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالإله
بدون تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد حسن
لك الله يا مصر