كرم جبر

مصر "للجميع" وليس "للجماعة"!

الثلاثاء، 22 يناير 2013 09:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سوف تسير مصر فى "سكة الندامة" إذا ظلت البلاد منقسمة على نفسها، بين فريقين أحدهما استولى وحده على السلطة وأقصى الآخرين، والفريق الآخر ينطبق عليه المثل العامى الذى يقول "عشمتنى بالحلق خرمت أنا ودانى".. ولا يمكن أن يكون المبرر هو الزعم بأن هذه هى إرادة الشعب عبر الانتخابات، لأن الإخوان لم يحصلوا إلا على "نصف" أصوات الصندوق، ورغم ذلك فقد أخذوا "كل" شىء فى الصندوق، الرئاسة والمناصب الكبرى والحكومة والشورى، ويمضون فى أخونة الدولة دون أن يتركوا للآخرين حتى الفتات، مما يخلق أجواءً من الحقد والضغينة والشعور بالخديعة وعدم الثقة، فقد خرج الجميع من المولد بلا حمص إلا الإخوان، وسيبقى التوتر مستمرا طالما إستمرت سياسة الاحتكار والاستعلاء والاستحواذ ، وسيطرة فريق واحد على الملعب السياسى، مقتنصاً لوحده كل البطولات والنتائج، فقوانين اللعبة يجب أن تتغير لتتيح الفرصة لمنافسين آخرين.

معنى أن تمضى مصر فى "سكة الندامة" هو أن تزداد الأوضاع سوءًا، فلا استقرار ولا تنمية ولا عدالة اجتماعية ولا رغيف الخبز، فالدولة الفقيرة لن تجد سوى الفقر لتوزعه على مواطنيها، والطريق إلى الفقر يمر عبر البطالة المتفشية والأسعار المنفلتة والخدمات المتدهورة وانهيار العملة المحلية، ويجب أن نعترف أننا نمضى فى هذا الطريق بسرعة كبيرة، وأخطر العوارض هو الإستهانة بسلطات الدولة وإسقاط هيبتها، ولجوء الناس إلى عضلاتهم وقوانينهم الخاصة لنيل حقوقهم وتحقيق مطالبهم المشروعة وغير المشروعة، سواء إضرابات واعتصامات وإضرابات أو قطع الطرق وحصار أقسام الشرطة والاعتداء على رؤساء العمل، وإذا لم يتم فوراً وقف هذا التدهور فسوف تزداد الأوضاع سوءً، لا أحد يتمنى ذلك وندعو الله أن تمشى مصر فى "طريق السلامة"، ولكن النوايا الطيبة وحدها لا تكفى، ولا بد أن يرفع الإخوان شعار "مصر للجميع" وليس "مصر للجماعة"، وأول تطبيق لهذا الشعار هو إحياء الإحساس المفقود بالأمن والأمان والطمأنينة، وتقديم الأدلة والبراهين فعلا وليس قولا بأن مصر لم يتم اختطافها، وأن الإخوان الذين جاءوا بالصندوق يمكن أن يرحلوا بالصندوق، وأن مبدأ الانتقال السلمى للسلطة هو الفيصل فى اعتلاء الحكم وتركه، ولا توريث لفرد أو جماعة ولا احترام إلا لإرادة الشعب، عبر انتخابات متكافئة وعادلة وحرة ونزيهة وشفافة، وأن مستقبل الحكم فى البلاد ليس مبنيا للمجهول وإنما المعلوم ، وإذا اطمأن الناس على مستقبل الحكم فى بلادهم فلن يقنطوا ولن ييأسوا، ولن يفكروا أبداً فى البحث عن وطن آخر.

شتان بين "طريق السلامة" و"سكة الندامة" وبين "مصر للجميع" و"مصر للجماعة" وبين "مستقبل معلوم" و "حاضر مجهول"، وبين شعب متفائل وسعيد وروحه المعنوية فى السماء ومناعته قوية وقادرة على قهر الأمراض، وشعب محبط ويائس ومناعته منهارة وتغزو كيانه العلل والأوجاع.. بين شعب يريد الاحتفال بثورته بالأغانى والكرنفالات وأقواس النصر وإحياء الأمل فى النفوس والعقول، وشعب يرى ذكرى الثورة فرصة للخروج والخلاص والاحتشاد فى الشوارع وغلق الميادين والتهديد بالعصيان.. وإذا سألنا أنفسنا لماذا وصلنا بسرعة إلى هذا الحال.. فالإجابة هى: لأن البعض أحس بأن مصر ليست "للجميع" ولكن "للجماعة".








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة