لا يختلف اثنان على أن النقد لأى نظام حاكم من قبل المعارضة حق طبيعى خاصة إن كان هذا النقد يستهدف البناء لا الهدم، لذا من حق المعارضة المصرية أن تنتقد أى أوضاع تراها مخالفة لمصلحة الوطن، والأنظمة الديمقراطية تدعم دائما المعارضة فقوتها تضيف للنظام، وتضىء له الجوانب التى لا يراهها، لكن من الطبيعى أن يربط الطرفين رابطٌ هام لابد يكون همزة الوصل بينهما، وهو مصلحة الوطن التى لابد أن تكون فوق كل المصالح الحزبية الضيقة.
وعلى المعارضة والنظام الحاكم أن يلتزما بقواعد العملية الديمقراطية، ويحترما نتائج الصندوق، مهما كانت نتائجه وأينما صبت هذه النتائج، لذا من جاء بالصندوق لا يذهب إلا بالصندوق، والقانون والصندوق الانتخابى لابد أن يكونا الحكم بين كل المختلفين سياسيا، وأن تكون جميع مظاهر الرفض لأى أمر محاطة بالسلمية التامة، التى كانت السبب الرئيسى فى نجاح ثورتنا، وأجبرت الطاغية مبارك ونظامه على الرحيل.
ومن الغريب أننا فى هذه الأيام التى تسبق ذكرى 25 يناير، يحاول البعض من قوى المعارضة أن يثير مخاوف رجل الشارع البسيط، فمنهم من يشيع بين البسطاء أن هذا اليوم ستفتح فيه أبواب جهنم، وستقوم القوى الثورية اليسارية والليبرالية بقلب نظام الحكم الحالى، بل منهم من يشيع أن الوطن سيشهد أحداث عنف شرسة فى هذا اليوم، ولا أنكر أن البعض من البسطاء بدأ يستشعر الخطر والخوف من هذا اليوم، الذى من المفترض أن يكون فيه ذكرى شهدائنا، ونحتفل فيه بتحرير أوطاننا من النظام الطاغى البائد الفاسد، ولكن البعض بتصرفاتهم غير المحسوبة جعل كثيرا من المصريين يكرهون هذا اليوم ويخافون من قدومه.
ومن العجيب أننى وجدت بيانا صادرا عن حزب العمال والفلاحين، ويحمل توقيع كمال خليل، يشعل هذه المخاوف، بسبب ما حواه هذا البيان من تهديد واضح وحض على المشاركة فى قلب نظام الحكم، حيث طالب البيان المصريين بالخروج فى يوم ذكرى الثورة لإسقاط الرئيس مرسى، وأن يرفضوا الانخراط فى أى عملية سياسية وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية، وأن ينهوا هذه السلطة بأى صورة، وبأى وسيلة وأن يتصدوا لكل من يواجههم فى هذا اليوم بكل قوة!.
ولا أدرى بأى مسؤولية وطنية تخرج مثل هذه البيانات التى تخالف القوانين والأعراف الوطنية، وكيف لسياسى أن يدعو إلى الانقلاب على الشرعية، ويطالب بإثارة العنف والشغب بين المصريين.. إنها جرائم فى حق الوطن، ترتكب باسم المعارضة، وتضع صاحبها تحت طائلة القانون، فمثل هذه البيانات ما هى إلا نواة لمؤامرات ساذجة لمن عجزوا عن مواجهة النظام الحالى من خلال الوسائل الديمقراطية المتعارف عليها فى كل أرجاء العالم، وعلى كل الحال سيكون مصير هذه الدعوات كمثلها من قبل، وستفشل فشلا ذريعا بإرادة شعبية، وأتمنى على باقى الفصائل السياسية أن تتصدى لمثل هذه المهازل والجرائم التى لن ينساها التاريخ لأصحابها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة