أحمد بان

الرئيس يستمع!

الجمعة، 07 سبتمبر 2012 11:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهى الاجتماع الأول للرئيس مرسى مع الهيئة الاستشارية، أو الفريق الرئاسى فى مسمى آخر، كما نقلت الشروق عن اجتماعها الذى دام وفقا لجريدة الشروق أربع ساعات، بينما قالت الأهرام إن الاجتماع دام لثلاثة ساعات، وبعيدا عن رأينا فى أعضاء الهيئة الاستشارية، ما يهمنا الآن جدية هذه الصيغة، التى تفتح الباب ربما لأول مرة، وبعد ثورة 25 يناير لمشاركة المصريين فى حكم بلادهم، والحيلولة دون انفراد الرئيس بمقدرات البلاد، وتقرير السياسات العامة والاستراتيجية وطبيعة توجهات الدولة المصرية الجديدة، وملامح السياسة الخارجية والداخلية، التى تشتبك مع هدف استعادة مصر التى نتمناها.

التقارير الصحفية التى تحدثت عن اللقاء على لسان بعض الأعضاء، تعطى بعض الإشارات اللافتة، فهذا عضو يتحدث عن أن لدينا رئيس يستمع وهى ميزة يجب أن نحافظ عليها، وهذا الكلام قد يكون مقبولا قبل ثورة دفعنا فيها دماء أكثر من ألف شهيد وآلاف الجرحى، أما اليوم فهذا الكلام أقل ما يقال فيه، إنه أول بدايات "الموالسة" التى عانينا من آثارها طويلا فى العقود الماضية وثرنا على النظام السابق من أجلها.

إذا كانت هذه الهيئة عقل جمعى يفكر مع الرئيس، ويتيح له دائرة وعى ومعرفة واسعة تمكنه من سلامة الحكم والقصد والتوجه، وهو ملزم باحترام ما تذهب إليه وتجتمع عليه، فهى ونعمت، أما أن نسمع هذا الكلام وغيره على لسان عضو آخر عن أن الاجتماع كان مبدئيا وتشاوريا، دون أن يعرض الرئيس مهام بعينها على المساعدين، حيث استمع وترك الفرصة لهم عدة أيام للتوافق على طريقة العمل، وأن توزيع المهام ليس نهائيا، بل قابلا للنقاش والتطوير للوصول إلى صيغة يتم إنجاز العمل بها فى المستقبل.

هذا الكلام لا يحتمل معنى، سوى أن الرئيس لم يحدد مسبقا ماهية هذا الفريق أو مهامه، بل خضع لهذه الصيغة التزاما بوضع كان يشعر فيه بالضعف، فى مواجهة دولة عميقة لا تريد أن تسلم بفوزه فى الانتخابات، وكان بحاجة إلى صورة تقدمه لقوى الداخل والخارج باعتباره خيار الثورة فى مواجهة خيار الثورة المضادة، ومن ثم تعهد أمام الجبهة الوطنية ببنود للشراكة الوطنية، التى تحدثت عن تسمية شخصية وطنية مستقلة كرئيس للوزراء، وإعادة النظر فى تركيبة الهيئة التأسيسية لتكون أصدق تمثيلا عن مصر الثورة، وتشكيل خلية لإدارة الأزمة فى الوقت الذى لم تكن حسمت فيه بعد المعركة بين المجلس العسكرى والثورة، فضلا عن الشفافية والوضوح مع الشعب ووضعه فى حقيقة ما يحدث فى مصر.

بدأ الالتفاف على مفهوم الشراكة الوطنية، وفرغ من معناه بتسمية د. هشام قنديل رئيسا للوزراء، شخصية لا هى الأفضل بمعايير التكنوقراط، وهى الأسطورة التى روجها بعض الخبثاء عن حاجة مصر لرئيس وزراء من الفنيين ولا هو أيضا من السياسيين، القادرين على قيادة حوار ومصالحة وطنية مع شركاء الثورة، تتيح التعاون على إعادة البناء بعد الفراغ من هدم النظام السابق، كذلك خلا التشكيل من شخصيات تستطيع تحقيق اختراق فى أهم ملفين، الأمن والاقتصاد ليكشف أداء الحكومة بعد ذلك أنها حكومة بلا رؤية بنائية، بل مجموعة من مديرى المكاتب، الذين يعملون كرجال المطافئ يدورون لإطفاء الحرائق التى أشعلها النظام السابق والحكومات الانتقالية، ولعل قرض الصندوق والسياسات الاقتصادية المتبعة تكشف، أننا على قديمه نمضى كما يراد لنا، ويبدو أن صيغة الحكم الحالية التى ارتضاها الرئيس والتى تتنقل خيارات الرئيس فيها بين خيارين الأول يتبنى الخيار الفقهى للجماعة فى أن الشورى ملزمة ونطاقها مكتب الإرشاد فمشورته ملزمة، الخيار الثانى نطاقه هو الهيئة الاستشارية التى أتت للالتفاف على عهد الشراكة مع القوى الوطنية، وهى الدائرة التى يتبنى الرئيس فيها الخيار الفقهى فى أن الشورى معلمة، بمعنى آخر هو يتبنى مقولة فردريك الأكبر، لقد قسمت البلد بينى وبين شعبى نصفين، فلهم حق الكلام، ولى وحدى حق العمل والتصرف.

إن مفهوم الشراكة غائب أصلا داخل جماعة الإخوان، التى قدمت الرئيس، ومن السذاجة أن يعتقد البعض أنه ستكون هناك شراكة.

يا سادة الرئيس لديه تصور لما سيفعله، وهو مخلص جدا لهذا التصور ولن يتزحزح عنه، والحبل السرى الذى يربطه بالجماعة هو المنبع الوحيد لقراراته، والصيغة الوحيدة التى على الجميع أن يفهمها ويتوقعها، هى صيغة الرئيس يستمع، وهى فى النهاية ليست أبعد من دعوة للبهجة، وليست دعوة للشراكة المتوهمة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة