مبكرًا بدأت الأحزاب والقوى السياسية ذات المرجعيات المدنية فى الاستعداد لانتخابات مجلس الشعب القادمة، فدون انتظار ما ستسفر عنه المحكمة الدستورية بعد الاعتراض على حكمها السابق بشأن حل المجلس، وبجعله قاصرًاعلى ثلث الأعضاء (166 مقعدًا) راحت أربع قوى سياسية نحو الشروع فى الاتحاد فيما بينها استعدادًا للأسوء، وهو عقد الانتخابات. هنا اتجه حزب الدستور تحت التأسيس والتياران الشعبى والتيار الثالث للحشد والتنسيق فيما بينهم. وهنا يمكن رصد ملاحظتين مبدئيتين:
أولا: أن تلك القوى ما زالت فى إطار التشكيل، فباستثناء حزب الدستور المعلوم قياداته، فما زالت حالة من السيولة تنتاب المشاركين تحت لواء كل من التيارين الشعبى والثالث وتحالف الأمة المصرية. فالدخول والخروج من هذه التكتلات يتم يوميًا، ولا أحد يعرف حتى الآن من داخل من.
ثانيًا: ما زالت الأمور غائمة بشكل كامل حول ما إذا كانت تلك التيارات الأربعة ستتحالف فيما بينها، أم سيتكتل بعضها، ويترك بعضها ليتكتل مع نفسه داخل مجموعته.
وبغض النظر عما سبق يمكن -ومن واقع خبرة الماضى- الإشارة إلى بعض الملاحظات التى يجب أن تعيها تلك القوى حتى لا تخسر فى الانتخابات:
أولاً: أن عليها أن تبذل جهدًا كبيرًا فى مجال إنكار الذات، فعدد تلك القوى يتجاوز الـ20 حزبًا وقوى سياسية، مقارنة بعدد الطرف المنافس الذى لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة على رأسه حزب الحرية والعدالة وحزب النور.
ثانيًا: أن تلك القوى يجب أن تسعى لاستقطاب بعض أطراف الجناح المنافس، حتى لا تتهم هذه المرة بأنها هى التى تقسم المجتمع إلى دينى وعلمانى، حتى تعمل على تدعضع قواه فى السباق الانتخابى.
ثالثًا: أن تلك القوى تحتاج إلى جهد كبير فى الشارع. فصلة المواطن معها محدودة بعض الشىء مقارنة بصلة المواطن بالقوى المنافسة انتخابيًا. خذ مثلا الجهد الواضح الذى قام بها المنافسون لنيل رضاء الناخب بسبب الخدمات الاجتماعية والاقتصادية المقدمة للمواطنين، مقابل الحوارات واللقاءات النخبوية لهذا الطرف ممثلة فى الحديث عن الأوضاع السياسية وإهمال الشقين الاجتماعى والاقتصادى فى المسألة المصرية.
رابعًا: حتمية التخلص من أمراض الماضى الناتجة عن التنافس البينى بين أنصار هذه القوى، وهو تنافس على الزعامة وحب الظهور الفضائى خاصة، والإعلامى عامة، وتهميش الصديق وغرور الشعبية "الجارفة" فى الشارع مقارنة بشعبية الحليف "الضحلة". وكل هذه الأمور ستجعل فى النهاية المنافسة بين الزملاء فى الدوائر الانتخابية أقوى من المنافسة بين الخصم الانتخابى المستهدف.
خامسًا: الحاجة الماسة إلى التنظيم المفتقد داخل أطراف التحالف القادم، ومن باب أولى داخل كل طرف فرعى من أطراف التحالف، لاسيما وأن التحالف المشار إليه يواجه بقوة تنظيمية هائلة.
سادسًا: إبعاد كافة المتورطين من قيادات هذا التحالف ممن ثبت بالفعل تورطه فى علاقات زبائنية، أو مجرد ممالأة مع نظام مبارك، حتى لا تكون تلك نقطة ضعف أمام المواطن وأمام الخصم الانتخابى.
هذه هى بعض الأمور التى يجب أخذها فى الحسبان قبل البدء فى مشروع قد يفشل، فيزيد تشويه هذا التيار فى الشارع على تشوهه القائم.
* رئيس وحدة الدراسات المصرية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة