هناك سعى حثيث وجهد واضح فى تمرير صورة سيئة لكل صاحب حق يعلن الإضراب عن العمل أو الاعتصام، الدولة الحالية وأجهزتها الإعلامية والرسمية تجتهد فى تشويه صورة المتظاهرين وأصحاب المطالب الفئوية مستخدمة نفس الحجة القديمة التى اخترعها نظام مبارك الخاصة بتعطيل عجلة الإنتاج.
النظام الحالى يشوه الإضرابات باتهامات إضافية من نوعية تعجيز الرئيس والدولة العميقة وباقى الكلام الخائب الذى ينتقص من قدرة الرئيس فى السيطرة على الدولة ومفاصلها ولا يبرر له تأخره فى تنفيذ مشروع الـ100 يوم الذى وعد بتنفيذه كتابيا وتلفزيونيا فى برامج ومؤتمرات كثيرة قبل الانتخابات.
من بين كل المظاهرات الفئوية سأختار إضراب الأطباء الذى يسعون لتشويهه بنشر رؤية تقول بأن الأطباء سيضربون ويغلقون المستشفيات فى وجه المرضى من أجل زيادة رواتبهم، وهو كلام عار من الصحة لأن الإضراب لن يغلق أقسام الاستقبال والطوارئ، ولأن الإضراب أهدافه أسمى وأهم بكثير من فكرة زيادة الراتب ويمكن للكلام التالى أن يكشف لك بعضا من الحقيقة..
1 - منذ 3 سنوات وأنا نوباتجى فى أحد المستشفيات العامة لمدة 36 ساعة متواصلة عن كل أقسام المستشفى فى تخصصى «عصبية» ابتداء من صباح الخميس جاءتنى مريضة صباح الجمعة برفقة زوجها اللذين كانا فى طريقهما للسوق لبيع البيض والجبن «كل رأس مالهما»، وكانت تشكو بدوخة مفاجئة حدثت لها لمدة دقائق معدودة وبعدها تحسنت، وبعد قياس الضغط لها وفحصها إكلينكياً لم أجد شيئا غير طبيعى، ولكن لهاجس لا أدعى أن له علاقه بالطب قررت أن أحجزها رغم معارضتها لأن ذلك سيعطلهما عن كسب قوت يومهما، وقررت أن أطلب لها أشعة مقطعية على المخ، وطبعاً تلك الأشعة لم تكن موجودة بالمستشفى «حالياً موجودة ورسومها أغلى من الخاص».. كنا منشئين وزملائى بالقسم صندوقا لمساعدة المرضى الفقراء نموله باستقطاع جزء من راتبنا كل شهر، وأعطيت لزوجها رسوم الأشعة التى أجراها بالخارج بعد معاناة لرفضه قبول صدقة «تخيلوا!!»، وبالفعل اتضح وجود ورم خبيث ثانوى بالمخ، ومعه يتطلب أشعات أخرى لمعرفة الورم الأولى «مصدر ورم المخ» وطبعاً الأشعات دى غير موجودة بالمستشفى، فقمت بالاتصال بأحد أساتذتنا فى الأشعة بخارج المستشفى الذى تفضل وأجرى لها مجاناً أشعة تلفزيونية على الصدر ليتضح وجود أورام بالثدى، أصرت السيدة على الخروج وتركت لى رسالة شكر وأنه يتعذر عليها البقاء فى المستشفى لأن عملها متوقف.. حاولت أن أسال عليها فى بلدتها التى تبعد عن المستشفى 20 كيلومترا دون جدوى، فغالباً الفقراء ليس لديهم صوت ولا صيت.
2 - فى أحد المستشفيات الحكوميه تُوفى أعز وأغلى إنسان لدى فى الوجود عقب إجراء جراحة له بيوم، وذلك نتيجة مضاعفات حدثت له، ورغم وجوده بالقسم الاقتصادى لكن عند حدوث تلك المضاعفات له لم أجد الطبيب النائب المتابع للحالة علشان ينجدنا، عارفين مين الطبيب ده، ده زميل دفعتى عشنا مع بعض وأكلنا فى نفس الطبق فى المدينة الجامعية، ولما حدثت الوفاة مقدرتش أقول حاجة غير حسبى الله ونعم الوكيل، مش فى الطبيب، فى اللى كان السبب، لأنى شايف الطبيب زميلى ده سهران مطبق من اليوم اللى قبله يعنى أكثر من 36 ساعة لمتابعة الأقسام المجانى والاقتصادى، ومقدرتش أقوله المفروض أنك تكون فوق طاقة البنى آدمين.
وعلشان مش أحب الموقف ده يتكرر مع أى شخص.. أنا مضرب من أول أكتوبر، ولأنى مش مستعد أشوف مريض مش لاقى علاج فى المستشفى وبيهرب للموت نتيجة عدم قدرته على تكاليف العلاج.. أنا مضرب من أول أكتوبر. وعلشان عاوز المستشفيات الحكومية تكون مثل الخاص فى الجودة والانضباط وليس فى الفندقة.. أنا مضرب من أول أكتوبر.. وعلشان نفسى المريض يلاقى سرير فى غرفة عناية مركزة أو أى سرير فى مستشفى للعلاج.. أنا مُضرب من أول أكتوبر.
الكلام السابق جزء من رسالة نشرها الدكتور أحمد عبدالسلام عضو مجلس النقابة العامة للأطباء على مواقع الإنترنت فى محاولة لتحسين صورة الإضراب الذى تسعى الحكومة لتشويه صورته.. اقرأها وافهمها حتى تفهم أنه لا شىء اسمه مظاهر فئوية لأن كل فئة تطالب بحقها لكى تشعر براحة وهى تؤدى عملها فهى تطلب فى الأصل خدمة أفضل لكل المواطنين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة