الآن ومع تدشين مؤتمر التيار الشعبى أمام قصر عابدين بقيادة المناضل حمدين صباحى، يمكننا القول إن الروح قد عادت إلى الحياة السياسية المصرية، الروح التى أزهقها تسلط واحتكار وتزوير الحزب الوطنى المنحل والتى ظلت تحاول العودة إلى جسد السياسة المصرية بعد ثورة 25 يناير وتعرضت فى طريقها إلى مصاعب عديدة، لعل من أهمها المنهج الإقصائى الذى عمل على تكريسه الحزب الوطنى على مدار 30 عاماً أو أكثر، وتوارثته عن وعى أو بالقصور الذاتى جماعة الإخوان وحزبها «الحرية والعدالة».
الآن، يمكننا القول إن هيمنة التيار الواحد أو الحزب الواحد على الحياة السياسية المصرية لم تعد ممكنة، ولم تعد سياسة التكويش واحتكار السلطات وتجييش مؤسسات الدولة والإمساك بمفاصلها الأساسية أمراً قابلاً للاستمرار على المدى المتطور وهو ما يعنى دبيب العافية فى جسد المجتمع المصرى وارتفاع الإرادة المصرية لعموم المصريين بدلاً من انسحاب إرادة الأقلية على الأغلبية الصامتة.
حقيقة لا أستطيع إخفاء سعادتى بما شهدته فى المؤتمر التيار الشعبى أمام قصر عابدين من حشد وإيمان ورغبة فى خدمة البلد، الجميع فرحون متحمسون، لديهم رغبة أكيدة فى العمل، ليس من أجل مصالح شخصية أو حزبية ضيقة، وإنما مع الناس وبالناس لتحقيق مطالب وطنية عادلة فى مقدمتها صياغة دستور عصرى لدولة مدنية حديثة يمثل عموم المصريين، ورفض أى محاولة للسطو على المستقبل أو جرنا إلى تفسير ضيق للماضى الذهبى لحضارتنا الإسلامية من قبل هذا الفصيل أو ذاك.
فرحى بالتيار الشعبى يزداد بانطلاق تحالف الأمة المصرية وسعى قياداته للعمل مع مجموعة كبيرة من الأحزاب لصناعة رأى عام فى الشارع يؤكد قيم المساواة والمواطنة، كما يزداد بتدشين حزب الدستور لأول مؤتمراته بالقاهرة، وإعلان عدد من قياداته عن العمل مع الجماهير فى القرى والنجوع والعزب والعشوائيات بجميع المحافظات وكذا بإعلان عدد من الأحزاب والقوى اليسارية عن سعيها لتدشين تحالف سياسى قوى يدافع عن قيمة العدالة الاجتماعية، ويطالب بتحقيق الشعارات التى طالبت بها ثورة 25 يناير.
هذا التنوع الخلاق فى المشهد السياسى هو الدليل على نهضة الشعب بعد الثورة ورغبته فى صناعة مصيره وتحديد طريقه الذى يسير فيه، وليس كما ذهبت عدد من الأصوات المرتعشة التى لم تعرف سوى حياة القطيع إلى أنها دعاوى انقسامية مزمومة، أو تفتيت لإرادة المواطنين.
إن أصحاب الفكر الشمولى سواء انطلقوا من خلفية دينية أم أيديولوجية خانقة وحدهم يرون التنوع والاختلاف نقمة لا رحمة.. اللهم احفظنا منهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة