تحدثنا فى الأسبوع الماضى عن المثالب التى يمكن أن تصادف القوى المدنية فى سبيل اتحادها الذى يحاول البعض تحقيقه قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، والآن نناقش هل التيار الدينى أو الأحزاب والقوى السياسية ذات المرجعية الدينية تتعرض هى الأخرى لضغوط فى تلك الانتخابات؛ أم أنها أفضل حالاً؟
ممَّا لا شك فيه أن القوى غير المدنية فى تلك الانتخابات تتسم إجمالاً بالتنظيم، خاصة بالنسبة لحزب الحرية والعدالة، فهذه القوى تعتمد بشكل كبير على الدعاية الدينية.
والدعاية الدينية هنا لا يُقصد بها مجرد استخدام المساجد فى الدعوة إلى انتخاب أشخاص بأعينهم، بل الأمر أكبر من ذلك، فهو يعنى الاستعداد النفسى والتهيئة الذاتية للمواطن لنُصْرَة كوادر التيار الدينى، باعتبار الناخب المصرى مؤهلاً تلقائيًّا للاستجابة لكل ما هو دينى، أو لكل من هو يبدأ وينتهى حديثه بـ "قال الله" و"قال الرسول".
لكن ما المعضلات التى تواجه هذا التيار؟
المؤكد أن أكبر معضلات هذا التيار هى التفتت، والكثرة العددية، وهما ما يؤثران سلبًا عليه. وقبل أن نذكر كيف يتم هذا التأثير؛ نذكِّر ببعض مظاهر هذا التشتت من قبل القوى والأحزاب السياسية المؤسسة والتى تحت التأسيس:
حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.
حزب "الوسط"، المنشقة قياداته عن جماعة الإخوان المسلمين، والداعى إلى سبل أكثر ليبرالية فى تحركه إزاء المسألة الديمقراطية والهوية والأقليات على وجه التحديد.
حزب "البناء والتنمية" الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، صاحب المراجعات الشهيرة التى سبقت رفعه السلاح والجهاد فى مواجهة "الدولة الكافرة".
حزب "النور"، ويضم العديد من التيارات السلفية التى كانت بعيدة كل البعد عن الانغماس فى العمل السياسى قبل ثورة يناير.
حزب "الفضيلة"، وهو حزب أصبح مهمشًا بعد انشقاق رئيسه عادل عبد المقصود، بسبب تحالف بعض قياداته مع حزب السلام والتنمية الجهادى تحت اسم "جبهة الإصلاح" بمبادرة من القيادى فى تنظيم الجهاد "كمال حبيب".
حزب "الأصالة"، بزعامة عادل عبد المقصود ومحمد حسان وممدوح جبر.
حزب "النهضة"، ويضم منشقين عن جماعة الإخوان المسلمين من أمثال د. محمد حبيب ود. إبراهيم الزعفرانى.
حزب "التحرير الإسلامى" بزعامة محمود طرشوبى، وهو حزب يدعو لعودة الخلافة الإسلامية.
الأحزاب الصوفية، وهى أحزاب "النصر" (صلاح زايد)، و"التحرير" (إبراهيم زهران)، و"نهضة مصر" (أحمد أبو النظر).
حزب "الأمة المصرية"، بزعامة حازم صلاح أبو إسماعيل، ود. محمد عباس، وهو حزب واعد فى نظر العديد من أنصار أبو إسماعيل.
هذه القوى والأحزاب ناتج وجودها تشرذم التيار الإسلامى فى الانتخابات، وتشتت الناخبين الراغبين فى منح أصواتهم لمرشحى هذا التيار أو ذاك، وهذا الأمر لا يشكل عيبًا فى التجارب الديمقراطية. فمادامت الأحزاب السياسية ليس لها ظهير عسكرى، ولا تسعى إلى التقسيم الطائفى للمجتمع؛ فلا ضرر من تعددها، بحيث يصبح الخيار الأخير للناخب إبان الاقتراع.
لكن المشكلة فى هذا التعدد عائدة إلى تلك الأحزاب ذاتها. هنا يصبح السؤال: إلى أى حدٍّ يستطيع بعض أو كل هذه القوى أن يتحد لتأليف جبهة واحدة فى الانتخابات المقبلة؟ الأرجح أن بعضًا منها إن لم يكن غالبيتها لن يقبل بذلك فى ظل محاولة "الحرية والعدالة" الهيمنة على قوائم المرشحين كما فعل فى الانتخابات الماضية. هنا من المؤكد أن "الحرية والعدالة" و"النور" ( لذلك ولأسباب أخرى) لن يحصلا على النسبة الكبيرة من المقاعد التى حصلا عليها فى انتخابات مجلس الشعب الماضية (وعددها السابق 227 مقعدًا لـ "الحرية والعدالة" و127 مقعدًا لـ "النور"، ومن ثم سيكون الحديث مستقبلاً حول تشكيل حكومة من الأغلبية البرلمانية هو محور الحديث وقتئذ.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة