كرم جبر

الحكومة والصعود إلى الهاوية !

الإثنين، 06 أغسطس 2012 12:04 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنا مع كثيرين فى أن "النظرة الأولى" لحكومة الدكتور قنديل "عليها" وليست "لها" لأن السادة الوزراء ليس فيهم - إلا فيما ندر - شخصيات مشهورة ومعروفة للرأى العام، ولا نجوم لامعة فى شباك الفضائيات، وبعضهم عندما رأيناهم لأول مرة كمن غدرت بهم الأيام ووهنت قواهم من الزمن، فماذا يفعلون فى مشاكل وأزمات تنوء عن حملها الجبال.. وزراء طيبون ولكن ليس فيهم من فى شياكة عمرو خالد ولا أناقة مظهر شاهين ولا انتشار حسن البرنس ولا استفزاز صفوت حجازى.. وبعضهم بدلته واسعة عليه نمرتين ولا يجيد ربط الكرافت.. وبعضهم فى حالة خصام مع قواعد نطق اللغة العربية بشكل سليم، بل أن أحدهم عندما حاول أن يختبر قوة ذاكرته أمام الرئيس، اجتهد ولكنه لم يستطع مرتين وثلاثة أن "يسمع" القسم دون أن يقرأ من الورقة التى فى يده.

رغم ذلك فلست مع كثيرين فى أن نحكم على الحكومة بالفشل من "أول نظرة"، حتى قبل أن يذهب الوزراء الجدد الى مكاتبهم، ونتهمهم بأنهم خليط غير متجانس من الفلول والإخوان والتكنوقراط وأنه ليس فيهم من جاء من الميدان، وينتاسوا أن عصام شرف جاء من الميدان، وأقسم فى الميدان أنه إذا لم يحقق أهداف الثورة فى غضون شهرين سيعود للميدان، وبعد أن ضيع من عمر البلد عاماً كاملا، لم يحقق الأهداف ولم يعد الى الميدان"، وبعده الجنزورى الذى ينطبق عليه المثل "ما محبه غير بعد عداوه" وتحول من العدو اللدود للإخوان الى المستشار الوفى لرئيس الإخوان، وقبلهما شفيق وما أدراك ما شفيق من وجهه نظر الإخوان والميدان.

يقول المثل: "ليس مهما أن يكون القط أبيض أو أسود، ولكن المهم أن يمسك الفأر"، والفئران التى"تقرقض" فى عظام هذا البلد كثيرة ومتعددة الأشكال والألوان والأحجام، ولن تستطع حكومة الدكتور قنديل ولا أى حكومة أخرى اصطيادها أو حتى طردها، وهناك من يتربص بها ويتصيد لها الأخطاء ويزرع فى طريقها الأشواك، ويمنى نفسه بفشلها وإخفاقها والإطاحة بها ويدعو الله أن يكون مصيرها أسوأ من الثلاثة السابقين، وللأسف الشديد أصبحت هذه الروح العدوانية هى أوراق اعتماد المعارضين الجدد للوصول إلى الشهرة والمجد والدعاية والبرستيج والاستضافة فى الفضائيات، وكى تكون سياسيا شجاعاً فى هذا الزمان: "هاجم. اشتم. اصرخ. عارض".

لست مع أن نحكم على الحكومة من "أول نظرة"، ولكن لى تحفظات كثيرة وأضع يدى على قلبى من نقاط ضعف فى التشكيلة الوزارية، أولها: أن رئيس الوزراء قليل الخبرة ولم "يتمرمط" فى دهاليز السياسة ويجهل كثير من الحيل البهلوانية والألاعيب الخفية للبيروقراطية المصرية التى تحطمت على صخورها كل موجات الثورات الإدارية فى كل العهود.. ثانيا: أن رئيس الوزراء ليس خبيراً فى الشئون الاقتصادية مع أن كل المشاكل اقتصادية، ولا يسند ظهره وزراء لهم باع طويل فى الملفات الاقتصادية.. ثالثا: لا تحتمل البلاد أن تكون حقل تجارب فى أى من المشاكل والأزمات الكبرى مثل الدعم والصحة والخدمات والأسعار، نتيجة إسناد الحقائب الوزارية لوزراء ليست لهم دراية بهذه الملفات.

أما أم المشاكل - من وجهة نظرى - فهى طريقة تعامل الحكومة والوزراء الجدد مع الرأى العام ووسائل الإعلام، وهل تنجح فى توصيل رسالتها وشرح جهودها، خصوصاً فى أجواء التشكيك والتربص وسوء النية وعدم الرضا؟.. اعتقادى أن علاقة الحكومة بالإعلام ستمر بثلاثة مراحل إذا أمد الله فى أجلها.. الأولى: هى الصمت الإعلامى للوزراء نتيجة عدم الخبرة وسوف تتهم الحكومة بعدم الشفافية والتعتيم وتشتد عليها موجات الهجوم.. والثانية: التخبط الإعلامى فى البيانات والتصريحات بعد أن يطلب رئيس الحكومة من وزراءه أن يواجهوا الرأى العام بالحقائق والمعلومات.. والثالثة: هى الإسهال الإعلامى لبعض الوزراء بعد أن يتمرسوا فى اللعبة ويدركوا أن التلميع أهم من الإنجاز وأن النجومية هى أضمن وسيلة للبقاء فوق الكرسى.

لكن فى المقابل هناك إيجابيات فى التشكيلة الوزارية أهمها أن رئيس الوزراء من جيل الشباب تحت الخمسين بقليل، ويا ريت يعيد تجديد شباب الجهاز الإدارى فى الدولة، الذى شاخ ووهن وضعف وأصبح مثل الرجل المريض الذى يعبث الجميع فى تركته، وأن يفتح أبواب الأمل والتفاؤل والمستقبل فى وجه الأجيال الجديدة، على أساس الكفاءة والمساواة وليس الأخونة والانتماء الحزبى والدينى، فلا أمل ولا إصلاح ولا مستقبل إلا إذا استرد الشباب ثورتهم وفتح الوطن لهم قلبه وعقله وذراعيه.

من إيجابيات التشكيلة الوزارية - أيضاً - أن الوزراء الجدد سيكون لديهم حافزاً للتحدى وإثبات الوجود والنجاح والخروج من الوزارة بسلام إلى بيوتهم وليس إلى طرة.. فليس فيهم وزيراً ظل جالساً على الكرسى سنوات طوال حتى التصقا وأصبحاً جزءً واحداً ينعم صاحبه بالألقاب التاريخية الخمسة: "سعادة الأستاذ اللواء الدكتور الوزير"، وليس فيهم - حتى الآن - رجال الأعمال الملاعين الذين خلطوا السلطة بالثروة فى كروشهم وجعلوا المنصب الرفيع دجاجة تبيض ذهباً لهم ولشركاتهم وعائلاتهم وأتباعهم وحواشيهم.. ليس فيهم ذلك لأنهم لم يجلسوا على الكراسى سنيناً ولم يصابوا - بعد - بأمراض السلطة، وأعتقد أن الظروف السياسية لن تترك أصحاب المناصب الرفيعة يهنأون بها طويلا.

من إيجابياتها أيضا أنها استبعدت الأسماء التقليدية التى تلوح بها جماعات الضغط لتولى المناصب أيا كانت وفى كل مناسبة، مثل البرادعى وأبو الفتوح وعمروموسى وحمدين صباحى، فلو دخل بعضهم الوزارة لتحولت إلى شلل متنافرة وجزر منعزلة.. ولم يستجب الإخوان للضغوط السياسية من حزب النور الذى لم يعجبه مقعدا واحدا فإعتذر عن الوزارة وهدد بعدم التنسيق معهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وهذا معناه أن رئيس الوزراء يعمل بدون "تقالات" أو فواتير يسددها لأحد، اللهم إلا إذا تحولت الجماعة ورموزها ومرشدها إلى قيد ثقيل يهوى برئيس الوزراء وحكومته إلى الهاوية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة