قبل أيام تفضلت مؤسسة الرئاسة وكشفت أسماء الفريق الرئاسى المعاون للرئيس مرسى، حيث اختار الرئيس أربعة مساعدين، أولهم مساعد للشؤون السياسية أكاديمية ليست هى الأفضل بالمعايير الأكاديمية، كما أنه لم يعرف لها نشاط سياسى بارز، سواء فى مواجهة مبارك أو حتى بعد الثورة وربما كان الهدف فقط من إسناد هذه المنصب لها، إسكات الأصوات التى تتحدث عن حق المرأة المصرية فى تولى كافة المناصب العامة، وبما سيدفع الكافة فيما بعد لرفض تولى المرأة للمناصب العامة، وهى طريقة إخوانية مجربة فى تكفير الناس بأى قيمة يرونها ويطالبون بها، فيبتذلها الإخوان بالشكل الذى يدفع المؤمنين بها إلى الكفر بها، بطبيعة الحال هناك من يستطيع تمثيل المرأة فى مصر من شخصيات نفخر بها وبعطائها الوطنى وليس أقلهن القاضية نهى الزينى أو الناشطة هبة رؤوف وغيرهن كثر، ولكن أمثال هؤلاء ممن يملكون رأيا ورؤية لن يتوافقوا مع منهج الرئيس فى الإدارة، الذى هو ابن مخلص لجماعة لا تقبل بالنقد أو الرأى الآخر، حتى أنها لم تهضم أبدا التنوع داخلها، لتديره خارجها وقد تقلدت الحكم الآن.
العضو الآخر فى مساعدى الرئيس والذى تولى الشؤون الخارجية والتعاون الدولى، هو مقاول خبراته فى المقاولات، كما أنه عضو مكتب إرشاد، وأحد أهم المقربين من خيرت الشاطر، وحلقة الوصل بين الرئيس والشاطر (المرشد الفعلى للجماعة) وأعتقد أن اختياره لهذا المنصب، مما يسهل حركة التنظيم الدولى للإخوان، بمظلة الرئاسة المصرية، وأعتقد أنه كان من الأليق للرئاسة وللجماعة معا، أن تعهد للعريان بهذا المنصب، لولا أن الرجل ورغم كل ما قدمه من تنازلات للتيار المحافظ والمهيمن فى الجماعة لم يحظ أبدا بثقة الشاطر أو الجماعة، لذا تم قطع طريقه نحو منصب رئيس الحزب أو وزير خارجية مصر أو حتى مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، وتم تسكينه فى هيئة استشارية للرئيس أقرب لديكور مؤسسة شكلية تصدر انطباعا عن شراكة وطنية زائفة ومبتذلة، ليدفن الرجل طموحه للأبد، لأنه جهر يوما بميوله الإصلاحية داخل الجماعة التى شاخت.
أما المساعد الثالث للرئيس لملف التواصل المجتمعى، فقد أثبت الرئيس باختياره أنه يفهم جيدا خريطة المجتمع المصرى وتضاريسه الاجتماعية المتنوعة، التى تتدرج بين الإسلامى واليسارى والقومى والناصرى والقبطى والليبرالى وغيرها من التنويعات، التى تعكس قوة هذا المجتمع وثرائه من اختار الرئيس ؟ لقد اختار السيد عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفى، للتواصل المجتمعى بما يعنى أن الرئيس إما أنه يريد أن يكون شريكه وشريك حزبه فى البرلمان، قريبا منه للتنسيق والتشاور فى معركة البرلمان القادم، أو أن الرئيس يتلفت حوله فلا يرى سوى السلفيين، وتحول المجتمع كله إلى مجموعة من السلفيين، لذا من الطبيعى أن الأقدر والأجدر فى التواصل معهم هو رئيس حزب سلفى، لم تعرفه الحياة السياسية قبل أو أثناء الثورة، كما أنه ليس لديه أى سابقة فى التفاعل مع القوى السياسية أوالمجتمعية تؤهله لأداء هذا الدور، ولم يعرف عنه سوابق فى إدارة حوار وطنى أو مجتمعى، اللهم إلا إلقاء بعض الدروس على جمع من الناس فى زاوية أو مسجد.
ولعل الاختيار الأخير الذى أتى ذرا للرماد فى العيون هو اختيار الناشط القبطى سمير مرقص لملف التحول الديمقراطى والرجل شخصية وطنية محترمة ولكن هذا الملف بالذات، لا أعتقد أن الرئيس وجماعته راغبون فيه، أو قادرون على دفع كلفته.
إن هذا المنهج البائس فى اختيارات تتجاهل قدر وقدرات مصر، والتى تتجسد فى شخصيات وطنية لديها ما تقدمه، واستبدالها بشخصيات قليلة الكفاءة وليس لها تاريخ سياسى لافت بل من دائرة الموالاة وضبابية التوجه، أو من هم محسوبون على الجماعة إخوانا وسلفيين، لا يطمئننا على طبيعة توجه الدولة المصرية، ويدعم الشكوك التى تتحدث عن إدخال مصر فى مشروع الإخوان، وليس إدماج الإخوان فى المشروع الوطنى الغائب حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة