لا يوجد بلد يبنى أو يساهم فى بناء اقتصاد بلد آخر حبًا فى سواد العيون، فالوطن لا يبنيه سوى سواعد أبنائه بجهدهم وعرقهم وأفكارهم حتى يصل الإنتاج ليس لمرحلة الاكتفاء الذاتى عن الآخر فقط، ولكن ليفيض ويصدر للخارج للحصول على العملة الصعبة التى هى محور القدرة الاقتصادية لأية دولة، ولأن إنتاجنا لم يصل إلى أى مرحلة من الاكتفاء الذاتى خاصة فى مجال المواد الغذائية وغيرها كثير، ولهذا نجد أن الموازنة العامة للدولة تسجل عجزا كليا يزداد سنويا ويتصاعد نتيجة لزيادة المصروفات عن مجمل الإيرادات، الشىء الذى يجعل صاحب القرار غير المدرك لمسؤوليته يتجه تلقائياً وبغباء شديد للاتجاه إلى الاقتراض الداخلى ثم الخارجى لتمويل وسد هذا العجز متصوراً أنه بذلك تحل المشكلة، فى الوقت الذى تتفاقم فيه المشكلة وتزداد، حتى وصل حجم الدين الداخلى إلى ألف ومائة مليار جنيه والدين الخارجى إلى حوالى خمسة وثلاثين مليار دولار، مما يحمل الموازنة العامة لسداد أقساط هذه الديون وفوائدها حوالى ثلث الموازنة، ناهيك عما يسمى بصافى العجز الذى يحدث نتيجة لعدم القدرة على سد العجز الكلى من القروض الداخلية والخارجية، فالمتبقى من هذا العجز وهو ما يطلق عليه بصافى العجز الذى يتم سده عن طريق طبع نقود بدون رصيد مما يزيد نسبة التضخم ويقلل من قيمة الجنيه، وظهور الاقتراض هنا خاصة الخارجى من الدول التى تشترط للاقتراض على تنفيذ أجندة اقتصادية واجتماعية تعمل لصالح التوجهات السياسية والاقتصادية للدول المهيمنة على رأسماله بما لا يتوافق مع سياسات العدالة الاجتماعية لصالح الفقراء من هذا الشعب مثل إلغاء كل أصناف الدعم للطاقة والمواد الغذائية والتعليم والصحة وغير ذلك كثير، بما يتناقض مع أهم مبادئ ثورة يناير وهو العدالة الاجتماعية، إضافة إلى ذلك أن الاقتراض لا عجز الموازنة يعنى أننا نقترض لكى نأكل وبعد ذلك نصبح جوعى ومدينين ولا يوجد رأسمال للاستثمار، وهنا تدور ماكينة الاقتراض وتتضاعف ونورث للأجيال القادمة مالم تقترضه ولا تستهلكه، وهنا نذكر بأن الديون الخارجية على مصر عام 1970 كانت مليارا ونصف المليار بعد بناء السد العالى وإنشاء ألف مصنع، ناهيك عن الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، ولذا بمناسبة طلب الحكومة قرضا من صندق النقد 4.3 مليار دولار، فنحن لا نريد أن نقول لماذا وافق الإخوان على قرض أزيد من القرض الذى تم رفضه أثناء حكومة الجنزورى؟ وهل هذا القرض لن يدفع عليه فوائد التى تسمى لديهم بالربوية؟ وأين الوعود بتوفير مائتى مليار دولار من مصادر غير ربوية لتمويل ما يسمى بمشروع النهضة؟ وهل النصف مليار دولار التى تفضلت بها قطر علينا بدون فوائد؟ وما هى شروطها فى مقابل ذلك؟ ولكن دعونا من هذه الأسئلة وغيرها كثير، فهل هناك خطة اقتصادية مدروسة للاستفادة من هذا حتى يساهم هذا القرض فى العملية الإنتاجية التى تضيف عائدا وتستوعب قوى عاملة؟ أم أن القرض سيكون لسد عجز الموازنة الذى يصل إلى مائة وثمانين مليار آخر العام؟ وإذا كانت شروط الصندوق «وهذا معروف بدون تصريحات كاذبة من وزير المالية تلميذ يوسف غالى» هى إلغاء الدعم، ما هى الخطة العملية التى يمكن تطبيقها على أرض الواقع لإلغاء الدعم فى ظل الظروف الحالية من فوضى وانفلات أمنى وبلطجة وأزمات طاقة ومياه وكهرباء وارتفاع أسعار؟
ما نراه هو نفس السياسات الاقتصادية التابعة وغير المنتجة التى تعتمد على القروض، فما هو الجديد بعد الثورة إذا كانت هناك ثورة حتى الآن؟ وما هو الفاروق بين يوسف غالى وتلميذ يوسف؟ وما الفرق بين مبارك وبين مرسى، أفيدونا أفادكم الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة