زاد تقديرى للدكتور محمد مرسى رئيس مصر حين أوصى الأمن بأن يؤمن المظاهرات التى دعا إليها بعض المعارضين يوم 24 أغسطس، وزاد من غلو البعض الآخر حين قال إنها ثورة، والحقيقة أنها اختبار لاحترام الحرية والديمقراطية، الأمر الذى فتح الطريق إلى مزيد من المطالب.. وبرغم أننى لم أكن مؤيداً لهذه التظاهرات التى لا رأى منها هدفاً واضحاً.. ولا شكلاً محدداً للمطالب، فإننى لا أحب مصادرة الرأى الآخر ولا فرض أفكار على أحد، فنحن فى زمن الحريات بلا منازع ولا منافس للقرارات الرائعة التى نعايشها منذ تولى أول رئيس مدنى منتخب قمة السلطة فى مصر.. وقد أسعدنى بهذه المناسبة القرار الرائع الإنسانى الذى اتخذه الدكتور مرسى حين أصدر قراراً بإلغاء عقوبة السجن على جرائم النشر -السب والقذف- وغيرها، هذا القرار الذى ننتظره منذ سنوات طويلة.. وكم عانى منه الكثير من أصحاب القلم، هذا القرار الإنسانى المفاجئ يجعلنا نعيش فى أمن وفى أمان وفى طمأنينة، إلى المستقبل والإحساس الكامل بأننا بلا قيود. وهذا القرار كان أول من استفاد منه هو الزميل إسلام عفيفى رئيس تحرير الدستور.. الذى أفرج عنه فوراً بعد قرار الرئيس.. وهى فاتحة خير نحو مزيد من حياة الديمقراطية التى كانت غائبة عنا منذ سنوات، ولهذا فما كنت مشجعاً بأى حال من الأحوال لهذه التظاهرات لأننا لسنا فى حاجة إلى مزيد من التشتت، نحن نحتاج إلى دعوة للحب وللحياة فى هدوء بعيداً عن الاحتجاجات، وليس معنى ذلك أن نستسلم ونرضى بأى شىء، فهناك قنوات للرفض والمعارضة بدءاً بصحف المعارضة وصولاً إلى قنوات الدولة الشرعية ذاتها، مصر مليئة بالمشاكل والأزمات ومن الصعب تكبيلها بين وقت وآخر ببعض المعرقلات، وما كدنا ننتهى من المليونيات المتعاقبة التى حولت ميدان التحرير وبعض الميادين الأخرى إلى خرابات، حتى نفيق على مليونيات جديدة، أتمنى أن يترك هؤلاء المعارضون الفرصة الكاملة للرئيس محمد مرسى لاستكمال مشروعه الكبير الذى كان برنامجه الانتخابى -مشروع النهضة- لا بد أن نثق أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الإخلاص من الجميع لمساندة الرجل وفريق مجلس الوزراء جميعاً حتى نكون فى صف واحد، لا صفين.. وحتى لا نستعيد أخطاء الماضى التى أوصلتنا إلى طريق مسدود.
الرئيس محمد مرسى يعمل فى هدوء ويكفى أنه خلص مصر من حكم العسكر الذى كان كابوساً كبيراً.. وأدخلنا بقوة فى الشكل الحقيقى للدولة المدنية الكريمة التى تعتمد على العمل والعلم بعيداً عن قيود العسكر ودولة التخابر والمعتقلات وغير ذلك من المفردات التى عرقلت حياتنا لسنوات طويلة، وكانت من أهم نتائجها تراجع دور الدولة، ومن ثم تراجع حضارتها وموقعها الدولى.. ما يحدث اليوم فى مصر مؤشر صادق وبوصلة حقيقية لمستقبل نرنو إليه منذ زمن طويل وننتظره، وأنا أعرف أن كثيرا من النشطاء سياسياً واجتماعياً وعملياً وعلمياً يتوقون بسرعة لميلاد مصر الجديدة التى من شأنها أن تستعيد مكانتها فى مجتمع سليم..
وكثيرون أيضاً يستعجلون النجاح ولكن بنظرة موضوعية يمكننا أن نرصد النتائج الحية التى حصدناها فى وقت قصير، ولو كانت هناك أزمات تتفاقم ويتوالد الكثير من المشاكل اليومية فهذا يحتاج إلى المزيد من العمل والصدق والشفافية ومواصلة السعى نحو الكمال.. وليس التظاهر ولا الاحتجاجات، نحن فى حاجة إلى استقرار والبدء فى تنفيذ مشروعات النظافة وتنظيم المرور ثم تخطيط العاصمة بعيداً عن العشوائيات، لأن هذه العشوائيات هى حجر الزاوية فى كل مشاكلنا.. والبدء فى القضاء على العشوائيات وهو الحل الأمثل لكل الأزمات..
واستكمالاً لذلك أتمنى أن يفكر الرئيس مرسى فى نقل الوزارات من القاهرة إلى أكثر من مدينة مصرية حتى يقضى على المركزية وهو المرض المزمن فى مصر منذ الفراعنة.. كذلك نقل مجلسى الشعب والشورى إلى مدينة أخرى.. والله الموفق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة