منذ سنين بعيدة قبل يناير 2011 وبعده.. ونحن لم نسمع عن نسبة الـ%99 التى يحصل عليها الحكام فى الاستفتاءات الشعبية إلا على سبيل السخرية، فقد كانت تلك النسبة «المحفوظة» نكتة من النكات السياسية المتوارثة عن النظم الاستبدادية، لكن ها هو القدر يشاء أن تظهر هذه النسبة مرة أخرى على لسان أحد أبرز قيادات حزب الحرية والعدالة – الحذاء السياسى لجماعة الإخوان المسلمين – وهو القيادى الشهير محمد البلتاجى المعروف بأنه من التيار الإصلاحى فى الجماعة، فقد قال إن قلة أعداد المشاركين فى مظاهرة رفض الإخوان التى أقيمت يوم الجمعة الماضى، مؤشر على أن شعبية مرسى زادت وأن %99 من معارضيه أصبحوا من مؤيديه، وأن الذين حشدوا 12 مليونا ضد مرسى فى الانتخابات الرئاسية لم يقدروا على حشد بضعة آلاف!.
هكذا عادت مرة أخرى إلى السطح نسبة الـ%99 وعلى يد من؟ على يد من يعتبرونه «مختلفا» عن الجماعة، وأحد أهم مستنيريها، ولا يجد الواحد لوصف تلك التصريحات غير القول بأنها «تخاريف»، تعمد قائلها العبث بعقول الناس وتضليلهم، «أين من يريدون معاقبة من ينشر الشائعات والكذب؟» فلم يكن من احتشدوا فى المنصة والاتحادية والعباسية بضعة آلاف، ولا يجوز بأى حال من الأحوال قياس الشعبية على أعداد من يتظاهروا، وإلا فليعترف بلتاجى بأن من أعطوا لمرسى أصواتهم لم يزيدوا على المليون وهو عدد المتظاهرين الذين نزلوا للشارع لتأييده، كما أن هذا القيادى «الثورى الإصلاحى» تجاهل تماما أن أكثر الناس هجوما على هذه التظاهرة هم فى الأصل ضد مرسى وضد الإخوان، وأن الناس هربت من المشاركة فيها لسوء سمعة من تصدروا لها مثل محمد أبوحامد، وتوفيق عكاشة، وبدلا من أن يراجع الإخوان موقفهم، ويبادروا بمعالجة أخطائهم، حاول أبرز قياداتهم أن يمرر مغالطاته ويقلب الموازين، فبدلا من أن تكون إنقلاباً على مرسى تصبح إنقلابا له، ولا يشبه البلتاجى فى ذلك أحد سوى مرشده محمد بديع الذى ادعى كذبا أن محصول القمح زاد هذا العام بنسبة ستة أضعاف «على وش مرسى» بالمخالفة للحقيقة، التى تؤكد أن المحصول لم يزد إلا بنسبة %30، وأن «وش مرسى» ليس له علاقة بهذه السياسة، وإنما هى سياسة الوزير السابق جودة عبدالخالق التى شجعت الفلاحين على زراعة القمح، وبدلا من أن ينسب المرشد الفضل لأهله، وأن يحوز الفضيلة باعترافه بمجهود عبدالخالق، زيف الحقائق ونسبها إلى «الوش».
يعرف الإخوان أن شعبيتهم «فى النازل»، وأن الناس ملت من تناقضاتهم وعشوائيتهم وتخبطهم، وأنهم فضلاً عن تضليلهم الناس باسم الدين، لم يستطيعوا أو يوفوا لا بدين ولا بدنيا، ولهذا استيقظ القيادى الإخوانى عصام العريان من نومه، وكأنه يتخبط من المس، وأخذ يحارب طواحين الهواء مهاجماً التيارات اليسارية والليبرالية، متهما إياها بخضوعها للنفوذ الأجنبى، والحصول على تمويل خارجى، وإهمال الدين واحتقاره والتعالى على الشعب دون أن يقدم دليلا واحداً على كلامه، «أين من يريدون معاقبة من ينشر الشائعات والكذب؟»، وهى الحيلة الدفاعية التى لجأ إليها «العريان»،، فبدلا من العمل على زيادة شعبية الإخوان بأن يدفع العمل على إنجاح خطته «المائة يوم المرسية» حاول قدر استطاعته أن يشوه الآخرين، ملطخا سمعتهم الدينية، وقادحا فى ذمتهم المالية، وهى الاتهامات التى يعاقب عليها القانون، لأنه يزدرى فئة من الناس، وينالهم بما يحقرهم فى المجتمع دون دليل، لكن على أى حال.. فقد فطن الشعب المصرى لمثل هذه التخاريف، ونما وعيه، وإن لم ينل القانون من تلك الأكاذيب ومروجيها، فصندوق الانتخابات غير معاقب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة