لا أعرف ما هو شعور أبو الشهيد أحمد حسين المعروف إعلاميا باسم شهيد السويس الذى اغتالته يد التطرف البغيضة بعد أن سمع المؤتمر الصحفى الذى كشف فيه وزير الداخلية عن قتلة الشهيد، لكننى أعرف أن هناك ملايين البشر فى مصر وخارجها استاؤوا من كلمات السيد الوزير محمد إبراهيم وهو يصف القتلة المجرمين الذى اعترفوا بجريمتهم بأنهم «ملتزمون»، وأنه الشهيد عليه رحمة الله ورضوانه كان فى وضع محرج، وهو ما يعد تبريرا للجريمة وتبرئة للمتهمين وإلصاقا للتهمة بالمجنى عليه، ويبدو أن سيادة الوزير تعاطف مع القتلة لسبب ما فى نفسه، فنسى أنه وزير، وأنه من المفترض «كمحقق» أن يتجرد من مشاعره العاطفية تجاه القتلة، لكن من أين له إخفاء مشاعره ونحن نعرف أن «الصب تفضحه عيونه».
لا أريد هنا أن أستسلم لما يقال من أن للوزير دوافع شخصية جعلته يتعاطف مع الجناة، ولن أذكر هنا ما يقال عن هذه الدوافع وعلاقتها به، لكننى فقط أبدى استغرابى من تصريحات سيادة الوزير الذى يفرض عليه واجبه أن يتعامل مع الجناة كـ«جناة»، ومع الضحايا كضحايا، وأتعجب أيضا من كيفية نظرته إلى الأمور وتقييمها، إذ تكشف التصريحات غير المعتادة ممن هو فى مثل منصبه أن الوزير كان مصرا على نفى عدة اتهامات عن الجناة، وأهمها انتماؤهم الدينى برغم أن أحدهم كان إماما فى مسجد، والآخر كان يعمل محفظا للقرآن، ما يعنى أنه على الأقل هناك اثنان من المتهمين يتحكمون فى عقول الناس بحكم اشتغالهم بالـ«الدين»، فأولهم يؤثر على مئات المصلين بخطبه التى يطعمها بالتطرف الذى يمارسه، والآخر يحفظ أطفالنا القرآن ويعتبره المجتمع قدوة، ولنا أن نتخيل ما هو مصير أطفالنا حينما يكون قدوتهم «قاتل».
يشاء الله أن تظهر تصريحات هذا الوزير المغازلة للتيارات المتطرفة القاتلة فى عز هجوم تيارات الإسلام السياسى بجميع أفرعه على المؤسسات التنفيذية، ملقين بكل الاتهامات التى تورطوا فيها وبكل المساوئ التى ارتكبوها على ما يسمونه بـ«الدولة العميقة» التى تعنى من ضمن ما تعنى توغل يد المخابرات وأمن الدولة فى مؤسسات الدولة، مدعين أن هذه اليد تحاربهم وتريد أن تعيد النظام السابق وتنتقم من الثورة التى يعتبرها الإخوان ومن تأخون ملكية خاصة لهم، ولنا الآن أن نسأل محتارين إذا كان أحد أهم رؤوس ما يسمونه الإخوان بالدولة العميقة يغازلهم ويمتدح التيارات الدينية المتطرفة نافيا عن القتلة شبهة التطرف، لمن تنتمى هذه الدولة العميقة الآن، وإذا تأخونت هذه الدولة أيضا فيا هل ترى ما هو مقدار الخطر الذى يهددنا بعد أن ظهرت بوادر تأخون الدولة على يد وزير الداخلية بتبريره قتل القتلة واتهامه للضحية بما يشين.
أمامنا الآن أحد افتراضين، الأول: أن يكون هجوم الإخوان على ما يسمى بالدولة العميقة «فزاعة» يتحجج بها قادتهم وأبناؤهم وأتباعهم ليبرروا فشلهم إن فشلوا، أو يكون هذا التفزيع مجرد إرهاب لمؤسسات الدولة التى من المفترض أن تكون مستقلة لإخضاعها للأخونة، أما الافتراض الثانى فهو أن يكون هذا التفزيع أداة لجلب مزيد من التأييد للإخوان عبر الاصطفاف معهم فى معركة يصنعونها ليتمتعوا بمهلة إضافية يسير فيها مخطط الأخونة على قدم وساق، لتتم إعادة إنتاج النظام السابق بكل آلياته العفنة التى تضمن تبعية مؤسسات الدولة للحزب الحاكم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ضابط شرطة
ارحل معالى الوزير