من العبث بل من الهبل أن يحاول كائناً من كان أن يقول أو يدعى أنه يستطيع متابعة الوجبة التلفزيونية التى أعدها البعض للشعب المصرى خاصة وللشعوب العربية بشكل عام، ومن العبث أيضاً أن نبح صوتنا بأن قصر موسم الدراما المصرية فى شهر رمضان سيقتلها بعد حين، ومن العبث أيضاً أن نقبل بحجة أن الناس لا تشاهد الدراما إلا فى رمضان بدليل أن الملايين يتابعون المسلسلات التركية طوال العام ويهتمون بها وتؤازرها الإعلانات التى تنفق عليها ولكن يبدو وكأننا ننفخ فى قربة مقطوعة فلا أحد يسمع ولا أحد يهتم مما سينتج عنه موت صناعة هامة يعمل فيها آلاف ولا أكون مبالغة إذا قلت الملايين والأهم أنها تمثل أحد أذرع القوى الناعمة لمصر.
على كل، نحن أمام حالة رضينا بها أم لم نرض فهى قائمة وهى أكثر من سبعين مسلسلاً وعشرات البرامج وعشرات الإعلانات ومليارات منفقة كلها مقصود بها السيد المشاهد الذى بدا أنه فى حاجة إلى راحة محارب من السياسة والثورة طوال العام فرموه فى أتون الدراما المخلوطة بالإعلان.
ومن المؤكد أن مرور أسبوع واحد بالنسبة لأى عمل فنى درامى قوامه 30 حلقة لا يستوجب وليس من العدل الحديث عنه سلباً أو إيجاباً ولكن هناك سمات عامة نستطيع التصدى للحديث عنها فى عموم أعمال رمضان الدرامية هذا العام، حيث إن أغلبها جيد الصنع فنياً من حيث الصورة والحركة والتنوع وحتى الموضوعات، ولكن من هذا العبقرى صاحب القدرات الخارقة الذى يستطيع تتبع أى عمل فنى مهما كانت قيمته إذا كانت السمنة والمحمول والمشروبات الغازية والبطاطس المحمرة وإعلانات التسول تخترقه بين المشهد والآخر، فقد تكون دراما هذا العام إلى حد ما جيدة ولكن حالة عرضها تبدو وكأننا فى حالة الفخفخينا وما أدراك ما الفخفخينا!
الفخفخينا هو مشروب مصرى المنشأ والتوليف ففيه يضع الصانع كل أنواع العصائر مخلوطة بعضها ببعض حتى إن شاربه لا يعرف له طعما بعينه، وتلك هى حالة المشاهد لدراما رمضان لا شىء فيها له طعم أو لون بل كل الأحداث والشخصيات تتداخل ولا يبقى منها إلا مجموعة لصور فى الذهن لنجم يحبه أو غير ذلك.
أما وإن الإعلان هو السيد فى رمضان فإننى سأتوقف أمام إعلانين الأفضل والأسوأ فالأول يخص شركة محمول استطاعت أن تبتكر فكرة طريفة غير مباشرة للإعلان وتجمع عدداً كبيراً من وجوه النجوم للمشاركة فى الإعلان مثل سمير غانم والفيشاوى وكريمة مختار وسوسن بدر وسامى العدل وبالفعل قدموا جميعا عملا فنيا مبتكرا فى ثوان معدودة، أما الأسوأ على الإطلاق فهو إعلان للتبرع لمرضى الروماتويد الذى يصور لنا موت طفل ودفنه ثم خروجه من تابوته لأن هناك من سيتبرع له، إعلان يفتقد الخيال يشبه هؤلاء الذين يتسولون بيد مبتورة مشوهة كاذبة، ومثل هذه الإعلانات الخاصة بالتبرعات تثير دائماً ومنذ سنوات سؤالا كم يدفع أصحابها فى حملاتهم على الشاشات لكى يجنوا كم من الأموال؟! فهى للحق إعلانات تثير الريبة عند أصحاب العقول أكثر مما تثير الشفقة.
وبما أننى أتحدث عن الفخفخينا فكلمة أخيرة: الحمد لله الذى أوقف مجلس الشعب فى هذا الموسم وإلا كانت جلساته وتعليق وتساؤلات أعضائه عن مسلسلات رمضان حصدت الاهتمام الأكبر وكان أصحاب الإعلانات والمسلسلات حصلوا على بومبة كبيرة فى المشاهدة ويجعله عامر!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة