لم يجد السادة أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين إلا الإعلام ليحملوه أوزارهم ويلقوا عليه سهامهم، فكلما كلمت أحدا أو قرأت تصريحا أو سمعت مداخلة تليفونية لأحد منهم يبادر بالقول إن الإعلام يشوه الجماعة، حتى إنهم صاغوا العديد من الهتافات التى تندد بما يطلقون عليه «تشويه الإعلام للجماعة» فبدلا من أن يفكر الإخوان فى سبب مهاجمة الإعلاميين والكتاب والمثقفين وحتى الكثير من الإسلاميين لهم، بادروا برمى الإعلام بالداء واتهامه بالعداء، قاطعين أواصر النقاش ومفضلين أن يبقوا متبعين سياسة النفى التى مارسها مبارك عليهم فاتبعوها وأجادوها فور ما تهيأ لهم الوضع.
لا أنسى هنا ما صرح به مرشد الجماعة محمد بديع سابقا حينما قال إن الإعلاميين هم سحرة فرعون، ثم عاد والخذلان يملؤه ليعتذر عما بدر منهم فى المؤتمر الصحفى الذى عقده ليعلن أن الجماعة سترشح خيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة، قائلا إنه يكن كل المحبة والإعزاز للإعلاميين والصحفيين وإنه قصد بعض المنحرفين، وما إلى ذلك من صيغ اعتذارية واضحة، لكن وبرغم اعتذار المرشد لم يترك أحد من الجماعة مناسبة إلا ويدعى أن الإعلام يشوههم ويهيج الرأى العام ضدهم!
تدلنا طريقة التفكير هذه على آليات العمل عند الجماعة فى المستقبل، وتؤكد أنها لم تتعلم من دروس الماضى، تماما كما قال المفكر الإسلامى الكبير الأستاذ فهمى هويدى عنهم إنهم «لا يتعلمون ولا يتوبون» ولا يعرف أحد ما المطلوب من الإعلام والإعلاميين لترضى عنهم الجماعة، هل يريد الإخوان مثلا أن يمنع رؤساء التحرير نشر الأخبار السلبية عن قياداتهم وجماعتهم؟ أم يريدون أن يخرسوا صوت الأدباء والشعراء والكتاب المناهضين لسياساتهم؟ أم يريدون أن يسمعوا كلمات المديح والثناء فقط دون أن تصل إلى مسامعهم كلمات النقد والتجريح؟ وإذا كان الإعلام يشوههم كما يدعون فلماذا يحتفون بمقولات علاء الأسوانى وبلال فضل ووائل غنيم مثلا وحينما أعلنوا تضامنهم مع المرشح محمد مرسى ألم يقل هؤلاء الكتاب والنشطاء هذا الكلام فى وسائل الإعلام؟
ينسى أعضاء وقيادات الجماعة أن الإعلام الذى يتهمونه الآن هو أول من دافع عنهم وعن شرعية وجودهم فى الحياة السياسية وضرورة الاستفادة من الإخوان كفصيل وطنى فعال وقت أن كان الإعلام الحكومى يهاجمهم ويكيل لهم السباب يوميا، وينسى كذلك أعضاء الجماعة أن الكتاب والصحفيين الذين يشتمونهم الآن هم أول من دافع عن أعضاء الجماعة وقت أن كانوا يتعرضون للاعتقال والمحاكمات العسكرية، وينسى الإخوان أيضا أن الإعلاميين الذين يجرحونهم الآن ويبتزونهم أخلاقيا هم أول من بشر بالثورة ودعا إليها مهاجما الحزب الوطنى ورموزه الذى كان يدعى أيضا - ويا للعجب - أن الإعلام يشوهه ويبخس حقه ويتجاهل إنجازاته.
لا أدعى هنا أن الإعلام لا يخطئ أو أن كل من يعملون بهذا الحقل ملائكة، لكن هناك فرقا كبيرا بين أن تلوم جريدة على نشر خبر خاطئ أو كاتبا على صياغة فكرة غير متحققة، وأن ترمى الكل بالباطل وأن تعمم خطأ فرد على مهنة بأكملها، متجاهلا أن العرف المهنى نظم هذه الأمور بإعطاء أى شخص أو مؤسسة الحق فى الرد، وأن المؤسسات الكبرى هى تلك التى تسمح لمعارضى سياستها بالتواجد فيها وإبداء الرأى والرأى الآخر، لكن ويا للعجب أيضا أن أقل المؤسسات الصحفية مهنية وحرفية وتسامحا مع المخالفين هى تلك التى تتبع الجماعة أو الحزب، ومن لا يصدقنى فعليه أن يقرأ عددا واحدا من جريدة الحرية والعدالة التى لا تختلف فى مضمونها أو شكلها عن جريدة روزا اليوسف التى كانت الناطق الرسمى باسم جمال مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صبحى ابوستيت
واقع وليس حجة
عدد الردود 0
بواسطة:
osama
حاجه اكيده
عدد الردود 0
بواسطة:
A Bishr
شبهات عن الإخوان وردود من الميدان
عدد الردود 0
بواسطة:
توفيق
الاعلام المصري و شيطنة الاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad abdelaziz
التدليل
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرامى
اقراء واتعلم من مقالات الاستاذ فهمى هويدى
عدد الردود 0
بواسطة:
الإسكندرانى
من زاوية تانية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
يعني لما تروح لدكتور يشخص لك المرض ويقولك عندك ملاخوريا في دماغك...يبقي الدكتور سوأ سمعتك؟
لا طبعا
يبقي تتعالج
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
يعني لما واحد ياخذك صوره وتطلع شكلك وحش في الصوره يبقي هو سوأ سمعتك؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
هل الديموقراطية هدف للثورة؟ وهل يعرفها الإخوان؟