يحيى قلاش

التقرير الأول أمام الرئيس

الأربعاء، 27 يونيو 2012 05:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"شهدت مصر ـ منذ يناير 2011 ـ أحداثاً جساماً، وضعت البلاد على بداية طريق، يتمنى المصريون أن يصل بهم إلى الاستقرار والديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية، وقد صاحب ذلك ممارسات غير مشروعة، أدت إلى استشهاد المئات وإصابة الألوف من المواطنين، حال تجمعهم سلميًا فى ميدان التحرير بالقاهرة، وفى غيره من أماكن مشابهة فى مدن أخرى، نتيجة إطلاق النار عليهم، بل إن عدداً كبيراً من المتظاهرين سلميًا لقوا مصرعهم بالدهس المتعمد من سيارات اتخذت أرقامًا دبلوماسية تارة، ومن مصفحات الشرطة تارة أخرى، كانت تتعمد مطاردة المتظاهرين ودهسهم، وتزامن ذلك مع أعمال البلطجة واقتحام ميدان التحرير لإخلائه من المعتصمين المسالمين، حيث استعمل المقتحمون أنواعاً متعددة من الأسلحة البيضاء والجمال والخيول والطوب وقطع الرخام، فضلاً على الرصاص الحى من قناصة فوق العمائر المطلة على ميدان التحرير وزجاجات المولوتوف، كما ظهرت حالة من الانفلات الأمنى وانسحاب الشرطة واقتحام سجون عديدة فى أنحاء الجمهورية وإطلاق المساجين منها والتعدى على أقسام الشرطة وبنايات بعض المحاكم.

ما سبق كان مدخلاً لملخص التقرير النهائى للجنة تحقيق وتقصى الحقائق بشأن الأحداث التى واكبت الثورة، والذى قرر الفريق أحمد شفيق ـ رئيس الوزراء الأسبق ـ تشكيلها برئاسة المستشار عادل قورة، الرئيس الأسبق لمحكمة النقض.

وأعتقد أن هذا التقرير يجب أن يكون، بجميع تفاصيله، هو الأول على مكتب الرئيس المنتخب محمد مرسى، وأن يكون الأولى برعايته، وإذا كان استقبال الرئيس الجديد أسر بعض الشهداء والمصابين فى المقر الرئاسى وقبل حلفه اليمين الدستورية لا يخلو من دلالة إيجابية، فإن أعمال هذه اللجنة التى استمرت نحو 4 أشهر يجب أن تكون هى المدخل الحقيقى لأى فعل أو حديث جاد وغير احتفالى بحقوق شهداء الثورة ومصابيها التى ستظل دماؤهم فى رقابنا جميعاً، وستظل الحسرة هى العنوان الوحيد الذى نعرفه، وكل المتهمين بهذه الجرائم خارج حساب العدالة الحقيقية، حيث تطمس أدلة إدانتهم، ويتم التستر على جرائمهم، بل إن بعضهم ما زال على قمة وظيفته.

ملف الشهداء ما زال يحمل كثيرًا من التفاصيل الدامية والآلام لكثير من الأسر المصرية، بل إن بعضهم ما زال يعانى لإثبات نيل بعض ذويهم وأبنائهم شرف الشهادة من أجل كرامة وطنهم، وأذكر على سبيل المثال، أسرة الشهيد أسامة علام، ابن مدينة شبين الكوم، الذى يلقبونه بصقر المنوفية، إذ لم تتمكن أسرته حتى الآن من نيل حقه بعد اعتقاله فى مدخل ميدان الشهيد عبد المنعم رياض بميدان التحرير، فى اليوم الثانى لموقعة الجمل، عندما شارك فى الدفاع عن المتحف المصري، وأصيب إصابة بالغة، وتم اقتياده إلى السجن الحربى، حيث تم تعذيبه حتى استشهد، وعثر على جثته بمشرحة زينهم، وأثبت تقرير الطب الشرعى كل آثار التعذيب التى أدت إلى الوفاة، وحتى الآن ـ ورغم المحاولات المستميتة ـ لم يستطع أهله إنهاء أوراقه من النيابة العسكرية، ولم يتم حتى الآن إثبات اسمه فى قائمة الشهداء، وهو الذى جاء إلى ميدان التحرير مع العديد من زملائه المحامين من أمام محكمة شبين الكوم يوم الاثنين 31 يناير 2011 وترك وراءه زوجته وطفلتيه.

أشير إلى تقرير لجنة تقصى الحقائق وأنا أذكر خروج المستشار عادل قورة، رئيس اللجنة، عن صمته عقب صدور الحكم على مبارك ونجليه والعادلى ورجاله، ليقول كلاماً خطيراً، بأن هذا التقرير الذى تم إرساله بعد انتهاء أعمال اللجنة إلى النائب العام ورئيس الوزراء ووزير العدل والمجلس العسكرى لم يجد أى صدى له أو إشارة فى هذه المحاكمة. وقال، أنا حزين على المجهود والحقائق التى تضمنها هذا التقرير، الذى كان يجب أن يكون هو المدخل والباب للتعامل مع هذه القضية، وكذلك موقعة الجمل، وأكد أن الأمر مثير للاستغراب والعديد من التساؤلات.

أتصور أن يعجل الرئيس الجديد بالاطلاع على هذا التقرير، لأن التعامل الجاد مع ملف الشهداء هو الامتحان الأول الذى يخوضه الرئيس فى "الملحق" الذى تدخله الثورة بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة