فاطمة خير

مصر للمصريين.. مش للإخوان المسلمين

الخميس، 14 يونيو 2012 02:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أحكى لابنى حكاية صغيرة، حدوتة قبل النوم كما يحب أن يسميها، بدأتها بـ«كان يا ما كان»، لكننى توقفت فجأةً، ما كنت أريد أن أبدأها أبدا بما كان، أردت هذهِ الليلة أن أبدأها بـما سيكون، مرة واحدة لا أريدها أن تكون الأخيرة سأحكى له عما سيكون، عما سيحلم بهِ هذهِ الليلة وعما سيكون له العمر كله، سأحكى عن وطنٍ يجمعنا نعيش فيه سويا أنا وهو مع أحبائنا بلا شتاتٍ يجمعنا، سأحكى عن بلدٍ هو أحلى البلاد، سأحكى عن مصر، عن شوارعها المضاءة حتى وجه الصباح والسيارات التى تجوب فيها بلا هدى وناسها الذين يعبرون الطريق دون منطق!.

عن مدنها الجميلة، وشواطئها المزدانة، وألوان بشرة سكانها المتنوعة كتنوع أطيافهم، عن سمائها التى وسعت كل شخص، وأرضها التى حملت كل شىء، عن أناسٍ يضحكون فى وجوه بعضهم البعض، يسيرون فى الشوارع دون خوفٍ من بعضهم.. ولا من المجهول.. سأتوقف لثانية قبل أن أنسى وأحكى له عن ليال خوفٍ قضيناها نرى فى كوابيسها أن مصر ذهبت إلى غير رجعة، اختطفها رجالٌ غلاظ القلوب ما كانوا يشبهوننا، لن أحكى له عن هذا، فهو لن يراه ؛ لما إذن أشغل باله بهكذا ذكريات ؟!، سأتمالك نفسى ثم أحكى له عن أغنياتٍ حلوة سيسمعها، أغنياتٍ تعلمنا مثلها لكنه سيعزف مع رفاقه الأحلى منها، ذلك أن أيامهم لا بد ستكون أحلى، وإلا فلم أنجبناهم ؟!.

سأضحك.. ثم سيسألنى: لما يا أمى؟، فأجيبه بأننا يوما كنا نخاف، سيستوقفنى ليسأل عن معنى «الخوف»، نسيت أن أخبركم أن فى الغد لا خوف لديهم / لدينا !، سأكمل بأننا لم نحصل على الفرح منحةً وحسب؛ بل صغناه لأجلك وأصحابك، سيضحك بالتأكيد ثم يطلب منى أن أكمل «الحدوتة».

سأحكى عن بلدٍ أحببته بلا حدود، أحببته حد الجنون، لكننى لم أحببه يوما أكثر من غيرى من المصريين، فكلهم يحبونه بالقدر نفسه: حد الجنون !، جنونٌ قد يجعلهم يتخبطون أحيانا أو ربما.. كثيراً، لكنهم فى النهاية يختارون العيش فيه والموت فيه بلا أدنى تردد، هو حبٌ حتى الثمالة! لبلدٍ هو أجمل من كل جنان الأرض، وأحلى من كل نعيم الدنيا، وحين أرى الدهشة فى عينى ابنى، سأتوقف قليلاً عن الحكى، وأصطحبه لينظر من النافذة، سأفتحها على مصراعيها وحين يهب الهواء ليلامس وجهه سأخبره: هذا الهواء هو لك.

سأتهجى له وأنا أحضره لعالم الأحلام كل حروف اسم «مصــــــــــر»، وأعلمه أنه مصرى: هكذا ولد وهكذا سيعيش وهذا ما سيورثه لأبنائه، سأعلمه أن مصر أكثر من ثلاثة حروف: هى عمر البشرية بأكملها، مهد حضارتها، وحافظة آدميتها، سأعلمه أن عمره تجاوز السبعة آلاف عام.. هكذا قُدِرَ له من قبل أن يولد، وهكذا كتب على كل مصرى، سأقول له: أرأيت يا حبيبى من فى العالم سواك وأصحابك يولد وعمره سبعة آلاف عام؟!، وحين يضحك سأخبره بأنها الحقيقة لا سواها! ولن أهتم إن كان قد فهم ما أقول أم لا، فيوماً ما لا بد سيفهم.
سأمنحه قبل أن ينام عدساتٍ ليرى بها الحقيقة، ليميز قلبه بها الخبيث من الطيب، وحين يضحك بشدة وهو يشير بيديه إلى أشخاص بأنوفٍ طويلة للغاية، سأقول له: هؤلاء هم الكاذبون، ستقابلهم كثيراً وتعرفهم من سيماهم، يقولون دوماً أن الوطن أحب إليهم من أرواحهم، فتطول أنوفهم من الكذب أكثر وأكثر، حتى أنها تعرقل أرواحهم فتموت، ويصبحون بعد بعض الوقت بلا أرواح مجرد أنوف طويلة تثير السخرية!.

سأقبله حين أودعه للنعاس، وأخبره أن كل «الحدوتة» هى حقيقة صار يملكها، وأكمل: هل تعرف لماذا يا حبيبى ؟ لأننا قررنا يوماً أن تظل مصر للمصريين.. لكل المصريين، لا لجماعة كانت تسمى نفسها «الإخوان المسلمين».
تصبحون على وطن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة