رغم أن كلمة «التطهير» تثير الكثير من الحساسيات والاضطراب بين صفوف صفى النية ورجال القضاء الشرفاء إذ توحى الكلمة وكأن هناك مؤسسة فاسدة بالكامل يضرب فى أحشائها كل أنواع الخراب بشكل يحتاج إلى تطهير بالمبيدات وتسوية أوضاعها على أرض نظيفة نقية متخلصة من كل الأدران.. والأمر ليس كذلك ولكن إصرار الناس - حتى أبسطهم - على ترديد هذا المصطلح يعكس رغبة عارمة فى رؤية قضائهم الذى طالما تفاخروا به ووضعوه فى مرتبة تعلو فوق كل ما هو قابل للنقد.. مرتبة تصل إلى درجة من القداسة ارتاحوا إليها فى ظل حالة كاملة من فقدان الثقة فى كل المؤسسات التى دأبت على انتهاك حرياتهم وحقوقهم بكل هذه الدرجة من المبالاة التى وصلت فى مرحلة ما إلى درجة من التشفى والغلظة أصبح أمامها بسطاء الناس أمام حقيقة ناصعة: ليس أمامنا سوى القضاء العصى على التخريب، المؤمن بالعدل الذى هو أحد أسماء الله - جل شأنه - إنه الأمل الأخير ونقطة الضوء الوحيدة فى أجواء مدلهمة مظلمة.. القضاء العادل عند الناس ثوب أبيض تكفى بقعة سوداء واحدة لتلويثه وإنهاء السلام الذى يفشيه فى أرواحهم.. هم عندما يطالبون بتطهيره يدافعون عن حقهم الأخير فى استرداد إنسانيتهم التى طال انتهاكها عبر جميع أشكال القهر والظلم الذى طال كل فئات المجتمع.. إنهم فى الواقع يدافعون عن وجودهم ذاته.. فماذا يجدون:
1 - قضاء يزج باسمه وتوقيعه فى انتخابات مزورة عبر أجيال متعددة ويرفض - بسبب هذه الحساسية المفرطة - الاعتراف بأنه على الأقل لم يعلن ذلك ولم يرفضه بل سعى بعض رجاله إلى إدانة القائلين به.
2 - أحكام مخالفة لأبسط قواعد المنطق، وحتى أبجديات القانون يصدرها قضاة لا يتصدى لهم أحد من داخل المؤسسة رافعين شعار إن درجات التقاضى المختلفة تكفى لتصحيح الأخطاء.
وأنا هنا أدعو كل المهتمين بشأن هذا التطهير إلى عمل دراسة للأحكام الابتدائية، كم نسبة عوار أحكامها انتظاراً لدرجات أخرى من التقاضى؟ كم من الوقت والمال يهدر انتظاراً للاستئناف والنقض؟ والأهم كم من الثقة يفقد القاضى الذى أصدر حكما يفترض به أن يكون عنواناً للحقيقة ودلالة مطلقة على التجرد وتحكيم الضمير؟ إن القاضى الذى أصدر حكماً معيباً فى قضية يجب حرمانه من ممارسة المهنة خاصة إذا أهدر قانونا واضحاً مباشراً واتبع هواه حتى لو كان منطلقه دينياً لأن احترام القانون هو اللبنة الأخيرة فى بناء هذا المجتمع، وانهياره يعنى الانهيار التام والنهائى لوطن كامل.
3 - توريث وانتدابات واستشارات وتبعية للجهاز التنفيذى لا سبيل لإنكارها تحتاج هذه المؤسسة العظمية والمقدسة.
نحن نحبكم ونجلكم.. طهروا صفوفكم لكى نستمر فى هذا الحب فلم يتبق لنا شىء غيره.. يرحمنا الله جميعاً.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة