سأحكى لك حكاية عن شباب حلموا يوما بأن يصبح بلدهم دولة متقدمة، ولما ثاروا على الفساد، دبر كهنة الطغيان خطة لإيهامه بأن ثورته نجحت، وآتت ثمارها ليهدأوا، ثم دبروا مكيدة وأد الثورة، ولما فطن الشباب للمسرحية ثار ثانية، لكنه فوجئ بإخوته يقولون له: أنت مخرب فوضوى لا تمثلنا، وإن الوحيد الذى له حق تمثيل الشعب المصرى هو البرلمان الذى تريد أن تعطل الانتخابات التى ستأتى لنا به.
قال الشباب إن هذا البرلمان سيكون بلا صلاحيات فى ظل عدم كتابة الدستور، وحكم عسكرى جائر، فقال لهم الكبار: اسكتوا.. سنقتنص صلاحياتنا بأيدينا، فانتظر الشباب من برلمان الثورة أن يكون اسما على مسمى، فإذا بالبرلمان ينام تحت عباءة المجلس العسكرى، يعادى من يعاديه، ويحابى من يحابيه، وحينما قال هؤلاء الشباب رأيهم فى النواب قالوا لهم: أنتم تنقلبون على الشرعية، أنتم لا تحترمون أصوات الملايين، أنتم تبررون عجزكم بنقد البرلمان المعظم صاحب الشرعية الوحيدة، مدعين أن الشرعية أصبحت للبرلمان، وليست للميدان.
ولأن البرلمان بنى على غير أساس، وبلا صلاحيات اصطدم مع المجلس العسكرى أكثر من مرة، وعلم تمام العلم أن الشباب كانوا على حق، ولكى لا تزيد مساحة التصادم، وقف شباب الميدان مع شيوخ البرلمان وقفتهم الشهيرة، حينما تأكد الجميع من أن المجلس العسكرى يريد أن يعيد النظام الذى ثار الشعب عليه، ويريد أن ينتهك البرلمان الذى انتخبه الشعب، ولأول مرة اتحدت إرادة الميدان مع إرادة البرلمان، وبتوافق وطنى نادر تم إصدار قانون العزل، ليتم منع رموز النظام السابق من تولى أمور البلاد.
غير أن المجلس العسكرى، ولجنته المشرفة على انتخابات الرئاسة انتهكت شرعية البرلمان، وحرمته من حقه فى سن القوانين والتشريعات، وأبطلت العمل بقانون سنه الشعب، ووافق عليه ممثلو الشعب الشرعيون، واعتدت على العرف الدستورى والتعديلات الدستورية والإعلان الدستورى، بأن حرمت البرلمان من ممارسة دوره التشريعى، بادعاء أن الدستور كفل لهذه اللجنة حصانة من الطعن، وفى ذلك عوار دستورى كبير، فكيف تبطل اللجنة عمل الدستور بادعاء الدستورية، خاصة أن القانون وضع حلا لكى لا تتناقض أحكام الدستور مع بعضها البعض، وهى اتباع القاعدة القانونية الدستورية التى تقول إن الأصل فى القوانين هو الدستورية، حتى تحكم المحكمة بغير ذلك؟
عزيزى المواطن الصالح، على مدى ثلاثة أيام كتبت فى 29 و30 مايو و1 يونيو مقالات تتوجه نحو نواب مجلس الشعب بالنداء لكى يثوروا من أجل تطبيق القوانين التى سنّوها، وأن يدافعوا عن شرعيتهم، ودستورية برلمانهم، وأن يطالبوا بتطبيق قانون العزل، أو يعلنوا أنهم فشلوا فى أداء واجبهم الذى كلفهم به الشعب، وأن وجودهم كعدمه، وأن يتقدموا باستقالتهم الجماعية إن لم ينجحوا فى تطبيق قانون العزل، مؤكدا أننى سأنتخب الدكتور محمد مرسى الذى أختلف معه كليا وجزئيا رئيسا للجمهورية بشرط واحد، أن يثبت حزبه الذى يستحوذ على أغلبية البرلمان أنه جدير بالشرعية التى استأمنه الشعب عليها، وحمدت الله حينما توجه شباب الثورة إلى البرلمان ليطالبوه منذ يوم الأربعاء الماضى بنفس ما طالبته به منذ أكثر من عشرة أيام، غير أن الشباب دخلوا فى إضراب عن الطعام، مطالبين بتنفيذ الشرعية، وساءت حالة بعضهم الصحية، وللأسف نوابنا الكرام فى النوم غارقون، فقل لى بالله عليك إلى من يلجأ هذا الشاب وقد خذله الأقربون؟ وهل يقدر أحد أن يلومهم إن قالوا فى يوم من الأيام إن الكل باطل؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة