مش مصدق..!! هكذا تقول نفسى وأحتار فيما يحدث لأنه يفوق الخيال والواقع والحقيقة.. وكل التخيلات والاقتراحات وكل مفردات السياسة، أحتار لما يحدث كل يوم فوق الساحة المصرية الملتهبة، حيث وصلت الأمور إلى حالة من السوداوية واليأس.. صراعات وبلطجة ودماء تسيل ومع كل ذلك يطفو سؤال، هل سيكون القادم أكثر سخونة ودموية، وكما نرى كل يوم يحمل لنا مجموعة من المفاجآت والحقائق المقلوبة، فلم تعد هناك مثل عليا ولا قيم، ولم يعد أمام هؤلاء كلمة عليا.. الصوت العالى هو للبلطجة فلا يمكن أن يحل مكانها أحد.. ولا يمكن أن يكون لها بديلاً.. والمظاهرات هى اللغة السائدة، التى من خلالها أصبح كل من يريد أن يحقق هدفًا أن يلجأ إلى التظاهر والاحتجاجات.. فهل هذه هى الديمقراطية التى يريدونها..؟! هل اختفت الكلمة الهادئة والحوار المنطقى، الذى ما وصل بنا أبداً إلى طريق مسدود؟ حقاً نحن فى ورطة حضارية يراد بنا أن ننحدر إلى الخلف لنرجع سنوات عميقة إلى الوراء.. وما أظن أن ما يحدث هو فعل مصرى.. بل هى مؤامرة خارجية داخلية تحاول هدمنا بعد أن وصلنا إلى مرحلة البناء، حيث انتخب أعضاء مجلسى الشعب والشورى ولم يعد سوى انتخابات رئاسة الجمهورية.
وكلما اقترب الموعد نجد أن التحديات تزيد، وكأنهم لا يريدون أن تأتى هذه الانتخابات ولهذا فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤكد بحكمة كل فترة أن الانتخابات الرئاسية ستقوم فى موعدها، ولن يهدمها هؤلاء الساعون إلى تعطيلها.. بل إن المجلس العسكرى أكد أنه مستعد لتسليم السلطة ليس فى يونيو، كما أعلن من قبل بل فى 24 مايو الحالى.. بعد أن يطمئن الشعب إلى أنه أصبح فى مسؤولية رئيس جديد وحكومة قوية.. وأن مصر عادت دولة قوية تمد يدها بشجاعة على كل الأمور ويهنأ شعبها بالأمن والاستقرار.. ولكن وسط كل هذه التطمينات والتأكيدات، هل يمكن أن تقام انتخابات رئاسة الجمهورية فى موعدها؟! الأمر صعب لأن التحديات كبيرة والدخول فى النفق المظلم يزيدنا تواهانًا وظلامًا وتخبطًا، فإذا بنا بدلاً من أن نعود إلى الطريق الصائب ونصلح بوصلة المستقبل نحو تقدم حقيقى ملموس.. فإننا ندخل أكثر فى الغرفة الدكناء الكئيبة، التى أخشى أن تحول كل حياتنا إلى يأس وحزن لأن الغموض أصبح يسيطر على كل شىء.. لم يعد هناك شىء واضح.. لم تعد هناك حقيقة كاملة وما أردنا يومًا سوى هذه الحقيقة.
إننا فى مأزق حضارى وسواد عام يخيم على الجميع.. فلا يوجد لدى هؤلاء المعتصمين دراية أو حكمة نحو اليقين.. بل هم يحولون الأمور إلى مشاكل وأزمات يمكن حلها بالحوار والكلمة وإلى دماء تسيل، وهل فى مصر نعرف هذه الدماء فى شوارعنا البريئة؟ لم تكن مصر أبدًا هكذا بلد الدماء والقنص والملثمين الذين يغيرون على الآمنين.. فيقطعون رءوسهم ويذبحون ويقتلون ومن أجل ماذا؟ من أجل مقعد رئيس الجمهورية؟ هل هذا معقول؟! الأمر غريب عنا ولا أصدق أن هذا هو الواقع.. هناك مؤامرة تحاك بدقة لتدمير الوطن، لأننا كلما أوقفنا المذابح والحرائق والبلطجة فى مكان.. تعود إلى مكان آخر.. والنتيجة هى المزيد من الدماء والمزيد من الموت والمزيد من الغموض.. مش قادر أصدق!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة