منذ أكثر من أسبوع قبل الانتخابات كتبت فى ذات المكان مقالا بعنوان «مش لاعب» عن تصور لم أكن أتمنى أن يحدث، وهو ظهور نموذج الواد الغلس أو البت الرخمة، الذى كان، فى طفولتنا يفسد علينا أى لعبة جماعية حين يصرخ «لأ مش لاعب» ونقول يهديك يرضيك مافيش فايدة، برضه مش لاعب وسأفسد العبة، حين كتبت ذلك الكلام لم يكن يدور بخلدى على الإطلاق، النتيجة التى انتهت إليها الانتخابات، بل على العكس كنت أحلم بأن مرشحى حمدين صباحى سيفوز بالتأكيد ثم يدخل جولة الإعادة، وجلست حتى الصباح أمام التليفزيون أحسب الأصوات وتتوه منى الأرقام وتدمع عينى أحياناً وأحلم بغد أكثر أملاً، ولكن خاب ظنى وظهرت النتائج الصادمة التى أفقدتنى توازنى وعقلى كأغلب المصريين.
ولكنها صدمة للعقلاء مفترض أن تستمر لساعات أو أيام، ثم علينا أن نسأل، وإن كان الأمر كذلك، فماذا نحن فاعلون إلا شيئا واحدا أن نقول مش لاعب، ولكن للمرة الألف تثبت النخبة السياسية وكثير من رموزها أنها أسوأ ما فى هذه الأمة للأسف، وأن جموع الشعب العريضة بفقرها وجهل كثير منهم أرقى وأعلم وأكثر حكمة منهم جميعاً. ودعنا نرى ماذا فعل الشعب أو أغلبه وماذا فعلت النخبة.. الشعب بعضه حاسم لأمره لأنه منذ البداية مع أحد المرشحين اللذين لهما حق الإعادة، والبعض الآخر أو أغلبه صار كمن حط طير على رأسه ولكنه قرر لمن سيكون صوته بناء على مبدأ ليس حباً فى عمرو ولكن كرها للآخر، وهناك من قرر أن يقاطع الانتخابات، وهو فعل سلبى، ولكنه معبر عن موقف على كل حال، هذا هو حال عموم الشعب.
ولننظر للنخبة السياسية والإعلامية التى أصابتها الهستيريا، وسأضع أمامكم مجرد أمثلة قليلة ولكنها كاشفة لنخبة غير مدركة مسؤولياتها أمام وطن يقولون كذباً أنهم محبوه، المرشح عبدالمنعم أبوالفتوح الذى أعلن تزوير الانتخابات وأنه غير موافق على النتائج ووجوب تطبيق قانون العزل، ومن العجب أنه هو وغيره ممن يرفضون شفيق الآن لم يمانعوا أن يكون معهم فى السباق وقبلوا أن يلعبوا بقواعد يرفضونها الآن، لماذا قبلوا منذ البداية أن يدخلوا اللعبة التى يقولون على أسسها أنها خاطئة الآن؟ لماذا لم يتجمعوا منذ البداية ويرفضوا القواعد الخاطئة التى يفندونها الآن؟ لماذا كان لديهم جميعاً الرغبة فى مناظرة هذا المرشح غير المستحق للترشح؟ هل لأنهم تصوروا سقوطه أمامهم، وبالتالى قالوا مش مشكلة خليه يلعب لأنه حيخسر؟
عشرات من الأسئلة أطرحها كما يطرحها غيرى ولا إجابة لها غير أنهم نخبة غير مسؤولة خاصة حين يطالب بعضهم بضرورة إعادة الانتخابات التى تكلفنا الملايين. حين سئل كل مرشحى الثورة لماذا لم تجتمعوا على مرشح واحد كلهم دون استثناء قالوا إن أبوالفتوح كان الوحيد الذى رفض، فلم الآن يلومون على الناس تشتتهم، خالد على مرشح الرئاسة أيضا نموذج للنزق السياسى، فكيف بمرشح كان بالأمس يلعب بقواعد ثم نجده اليوم يعتلى أكتاف المتظاهرين فى التحرير ويهيج الشباب التائه بدلاً من أن يجمع المائة ألف الذين منحوه صوتهم ويلعب معهم سياسة، هذه نوعيات من شخصيات تبحث عن مؤلف.
الإخوان والفصائل السياسة المتأسلمة الذين فاز مرشحهم للإعادة، هم الآخرون لا همّ لهم إلا أنفسهم، فحين يقول أحد نجومهم «سنكمل» ولكن إذا فاز شفيق فلكل مقام مقال، لا يعنى إلا أنهم مستمرون لأنهم فائزون، لكن حين يخسرون فهم أيضاً سيقولون، مش لاعب. هذه مجرد أمثلة قليلة جدا ولدى غيرها المئات. ودعونى لا أغفل الإعلام واستطلاعات الرأى المضروبة التى صدرها للشعب قبل الانتخابات، وكانت كلها إما كاذبة أو كاذبة والنتائج أكدت ذلك، وفتنة الحديث عن تصويت المسيحيين، ولكن من أجل إعلانات الزيت والسمنة والملابس الداخلية كله يهون، كل شىء فى هذا البلد، وكل حدث يؤكد أن أرقى وأعظم ما فى هذا الشعب هم فقراؤه وناسه الطيبون، وأسوأ ما فيه وأفسده هو نخبته خاصة التى يقولون عليها سياسية، لذا لا تسمع لهم كلمة ولا تخف منهم وقرر أنت وحدك لمن ستمنح صوتك أو لماذا ستعطله، حتى حين..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة