لم يكن الفساد فى عصر مبارك ماليا فحسب، وإنما كان فساده الأكبر هو تعطيل القانون وتزييفه، وأعتقد أنه لو التزم مبارك بآلاف الأحكام القضائية التى صدرت ضد نظامه وحكوماته لما قامت الثورة أو على الأقل لتأجلت إلى أجل غير مسمى، وبسبب هذا الاستهتار الأعمى اندلعت الثورة والتى كان من أهم أهدافها تحقيق مبدأ سيادة القانون المهدرة.
كان إهدار القانون إذن من أهم مسببات الثورة، ومنذ يناير 2011 والشعب يريد أن يبنى مؤسسات الدولة الديمقراطية التى تعلى من شأن القانون وتحترم سيادته على الشعب، وبرغم ما وقع فى العملية الانتقالية من كوارث فإن الغالبية الغالبة من الشعب المصرى ارتاحت لفكرة بناء المؤسسات التشريعية، ولهذا لم يعبأ الشعب كثيرا بموت عشرات الشباب وإصابة الآلاف فى 19 نوفمبر الماضى فداء لبناء أولى المؤسسات الديمقراطية وهى مؤسسة البرلمان، وصار بناء على هذا الخلاف الشهير ما بين شرعية الميدان وشرعية البرلمان، إذ نادى الثوار بأهمية أن يظل الميدان مصدرا أساسيا للشرعية الثورية لأن أغلبية مؤسسات الدولة فاسدة كما أن القوانين التى تتحكم فى حياتنا ينخر فيها الفساد، لكن التيارات الإسلامية على اختلافها تمسكت بأن تكون الشرعية للبرلمان فحسب باعتباره برلمان الثورة الذى يعبر عن الشعب بجميع طوائفه، بينما نشأ فريق آخر حاول أن يوفق بين الشرعيتين قائلا إن شرعية البرلمان مكملة لشرعية الميدان، لكن أغلبية أعضاء البرلمان أيضا لم يرتضوا بهذا التوفيق.
المفارقة الكبيرة هى أن أغلبية أعضاء البرلمان ذاته لجأوا إلى شرعية الميدان صاغرين حينما قرر اللواء عمر سليمان أن يخوض انتخابات الرئاسة، واعترف بعضهم بأنهم كانوا على خطأ حينما هاجموا شباب مصر الرافض للتعديلات الدستورية وحينما حاولوا أن يبتروا سهام الميدان المشرعة فى وجوه فسدة مبارك، وثار الجميع «ثوارا وبرلمانيين» على فكرة نزول عمر سليمان للانتخابات ومن أجل إقصاء كل فسدة عصر مبارك سن البرلمان قانون العزل السياسى الذى ينطبق أيضا على أحمد شفيق ابن مبارك الرسمى ورئيس وزراء موقعة الجمل والمتهم بعشرات الجرائم التى لم يعرها النائب العام انتباها لأنه محصن بمجلس عسكرى لا يتقى الله فى الأمانة التى علقها فى عنقه.
الآن دخل أحمد شفيق إلى انتخابات الإعادة وصارت التخوفات التى كان يبديها الثوار حقيقة، والآن الجميع فى مأزق، مهددين بشبح الرجوع إلى دولة مبارك وحكم العسكر وسط تشكيك كبير فى نتيجة انتخابات الرئاسة، وليس ببعيد بين يوم وليلة أن نجد شفيق رئيسا لمصر، لتستمر سياسة انتهاك القانون وعدم احترامه، وليس هناك من حل سوى أن يتحد الجميع من أجل تطبيق القانون على الجميع وأولهم أحمد شفيق وأن يتم التحقيق الجدى فى البلاغات المقدمة بشأن فساده، كما أنه لا يجب أن نضيع الوقت فى انتظار حكم المحكمة الدستورية العليا لأن الدستور حتى الآن لم يكتب، ولا يوجد ما يحتكم إليه قضاتها، ولهذا أدعو كل نواب البرلمان إلى الثورة على انتهاك قوانينهم وقيادة التظاهرات الحاشدة من أجل تطبيق القانون والاعتصام فى الميادين من أجل الدفاع عن سيادة الشعب، أو تقديم استقالتهم للشعب الذى حملهم أمانة بناء مؤسسات والدفاع عن سيادتها ومنحهم شرف التحدث باسمه معلنين أنه لا صوت يعلو فوق صوت المجلس العسكرى.
ملاحظة: يسقط يسقط حكم العسكر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة