سهام الباشا

أنا خائنة

الثلاثاء، 29 مايو 2012 12:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما وقفت أنظر لما يحدث حولى .. وعرفت كل الآراء والتوجهات وترقبت الجميع .. تأكدت أنى لم أنصر الثورة يوما .. عندما قررت مقاطعة الانتخابات حتى لا أخون هذا البلد .. وجدت من أعجبه موقفى واتفق معى ومن حاول أن يثنينى عنه، وحجته القوية هى أن المقاطعة تصب جميعها فى صالح نظام عذبنا ونحن أطفال، وحرمنا من أن نسأل معلمينا هو "مبارك كان الطيار الوحيد فى حرب أكتوبر ولا إيه ؟ ولا هو ساق الطيارة لوحده وقتل هو كمان واتقتل وصحى تانى؟!

الأسباب المنطقية التى ساقها أصحاب عدم المقاطعة كثيرة، أولها أن الاختلاف مع الإخوان فكرى وسياسى وليس عقائدى، وثانيها أنه لا يجب ترك الفرصة أمام آلة ضخمة يقودها الحزب الوطنى الخفى الآن والمستتر خلف حملة شفيق ولا يزال يستعد بكل ما أوتى له من قوة، ويعمل بمنهجية واحدة وصحيحة لإنجاح مرشحه، وثالثها أنه أيا كان الرئيس القادم لابد وأن يكون خارج نطاق العسكر .. "مش شيلنا عسكر وهنجيب عسكر" .. رابعها أن المقارنة بين مرسى مرشح الإخوان وشفيق مرشح الوطنى بكل ما يمتلكه من أموال ورجال الأعمال وقوة مجموعة من الإعلاميين المنافقين، لا يمكن أن تكون متوازنة، فموقعة الجمل كانت أيام رئاسة شفيق لمجلس الوزراء، وفى المقابل كانت أحداث محمد محمود وبورسعيد أيام الإخوان..

هذه مقارنة خاطئة بالمرة، لأن الإخوان رغم غبائهم السياسى وأخطائهم ومحاولة سيطرتهم على كل شىء إلا أن الحقيقة أن أحداث محمد محمود لا يلام فيها الإخوان، غير أن دورهم لم يكن موجودا أصلا ولم يظهر لهم موقف محترم ..لكنهم لا يتحملون مسئولية هذه الجرائم لأن الحاكم وقتها هو العسكر، والحكومة لم تكن من الإخوان حتى نتهمهم بالمسئولية عنها.. ووزير الداخلية لا يملكون عليه سلطانا.

هذه ببساطة شديدة أهم الآراء التى ترقبتها خلال الفترة الماضية وأهم الأسباب التى يسوقها أصحاب وجهة النظر القائلة " لو بتحب مصر ما تقاطعش الانتخابات"، ليس بالضرورة أن يكون جميعهم إخوان مسلمين بل بعضهم أفراد عاديين لا ينتمون لتيار أو فئة محددة، وبعضهم اختار مرشحين يقفون موقفا وسطيا كالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى.
هنا شعرت باضطراب داخلى .. توتر شديد.. لم أكن أعرف ماذا أفعل؟ أنا فعلا صوت واحد .. ولكن حالتى هذه ليست حالة واحدة هى حالة شعب ثار يوما ضد فساد استشرى وظل ثمانية عشر شهرا ينتظر فرجا قريبا .. لنرى رئيسا ثوريا .. وها هى الأقدار تأخذنا إلى منحنى لا تشتهيه انفسنا.
ماذا أفعل .. ماذا يفعل كل منا .. ؟ مقاطعتى هى خيانة لوطنى ولشهداء ضحوا بضحكات العمر من أجل ابتسامة طفل لم يولد بعد .. أنا حقا خائنة لهم ..
تذكرت وقتها .. يوما منعنى فيه أحد ضباط الأمن أمام مقر نقابتى ( نقابة الصحفيين) من دخولها إلا بإخراج الكارنيه.. وذلك هو يوم السادس والعشرين من يناير ثانى أيام الثورة المصرية، استوقفنى هذا الضابط وبلهجة حادة طلب التأكد من عضويتى لأتمكن من دخول نقابتى .. وهو ما فعله مع غيرى من الصحفيين .. وقتها وقعت مشاداة بينى وبينه ودخلت النقابة رغما عن أنفه .. وبعدها بيومين جاء يوم جمعة الغضب، ففكرت أن اذهب باكرا إلى النقابة حتى موعد صلاة الجمعة وبعدها انطلق إلى المظاهرات، وبمجرد أن وصلت إلى هناك شاهدت منظرا لم ولن أنساه يوما .. أفرادا من الأمن يقفون على سلالم النقابة ويحكمون قبضتهم عليها بكردون من الحديد ولم يستطع أى صحفى وقتها أن يدخلها .. وعندما اقتربت أكثر منهم وجدت نفس الضابط الذى حاول منعى من دخولها من قبل ينظر إلى مبتسما ومتحديا بكل ما تعنيه الكلمة..
الإحساس الذى شعرت به كان قاسيا لم اتحمله يومها .. وها هو يعود إلى مرة ثانية ... إنهم يتحدوننا مرة أخرى .. و يخرجون لنا ألسنتهم .. يستغلون عدم الصبر الذى عم القلوب..
هنا قررت أن المقاطعة لم تكن هى الحل لمواجهة شفيق وأعوانه..إلا أننى لم أر فى الإخوان هم أيضا أى حل .. فكرهى لهم أصبح على أشده.. كيف أنتخب رئيسا .. لم يضع بنفسه برنامجه الانتخابى .. بل ترك جماعة ينتمى إليها هى من تضعه له .. لم أجد سوى زميل لى فى العمل ينتمى إلى الجماعة أفرغ فيه كل غضبى .. هاجمته هجوما لم اتخيل يوما أن أهاجمه به.. لأنه فعلا لا يستحق هذا فهو كالبلسم الذى يوضع على جرح العليل .. و لكن ما باليد حيلة .. سألته من وضع برنامج مرسى .. مرسى ولا الجماعة.. فرد مبتسما : الجماعة .. فقلت له ومن سينفذ هذا البرنامج مرسى ولا الجماعة فأجاب : لا مرسى .. فما كان منى سوى أن أقول له " حسبى الله ونعم الوكيل " وضعتمونا فى مأزق لن يخرجنا منه إلا الله سبحانه ..
أقباط خائفون من حكم الإخوان وخوفهم مبرر..وثوار لن يتخلوا عنها لنظام مبارك مرة أخرى .. و لن يتركوها فريسة لأى فئة .. قبل أن أترك الحديث عن الأقباط وموقفهم .. لن أتحدث بلغة المصطلحات الرنانة والفضفاضة عن الوحدة الوطنية .. لكن سأتحدث عن نظرة واحدة لفتاة قبطية تعمل معى .. هذه الفتاة البسيطة فى كل شىء قررت أن تنتخب شفيق بعد أن خسر مرشحها عمرو موسى فى الجولة الأولى .. قررت أن تنتخبه خوفا على مستقبلها من حكم الإخوان.
فى هذه الأثناء لاحت فكرة تكوين فريق رئاسى .. فشعرت بأن كل مخاوفى سوف تتبدد .. لن نتركها لشفيق بمقاطعتنا ..ولن نقدمها بأيدينا للإخوان المسلمين .. هاهو الفريق الرئاسى الذى سوف يعمل لمصلحة هذا البلد .. وحاولت أن أكون بصوتى الضعيف داعمةً لهذا الاقتراح .. بين أصدقائى وأسرتى وزملائى فى العمل .. وفجأة و بدون مقدمات جاء من يخوننى ويخون كل من ينتظر الضمانات ويصف موقف كل من يرغب فى ضمانات لمنح صوته لمرسى مقابل شفيق بـ "السفالة".
فما كان منى سوى أن أدافع عن موقفى ورأيى هذا .. ( طبعا المقصود بالسفالة من وجهة نظر مرددها .. أنها سفالة وطنية وليست أخلاقية وهو لا يقصد شخصا بعينه وإنما يقصد كل من يتخذ هذا الموقف)، على كل .. أعلنتها صراحة فريق رئاسى يعنى فريق رئاسى .. وفى لحظة فوجئت برفض كل من أبو الفتوح وصباحى لفكرة الضمانات وكل له أسبابه فى هذا.
توتر .. اضطراب .. حزن .. كل ما تتخيله من مشاعر مؤلمة .. كانت وقتها بداخلى .. أمامى طريقان كلاهما "زفت" .. كلاهما "علقم" .. كلاهما "نار" .. ماذا أفعل .. نفسى مشتتة و قلبى ممزق .. إنها بلدى التى اشتقت كثيرا لتكون حرة .. كم يتبقى من الزمن .. ثلاثة أسابيع .. ونعرف من سيحكمنا .. أنا وأنت مختلفون ومشتتون .. أنا وأنت لا نعرف من سنختار .. و الشهيد من سيأخذ له حقه ..
كانت صورة أم أحد الشهداء ممسكة بلافتة .. "لا تنتخبوا الفلول " .. حينذاك قررت ان أعطى صوتى لمرسى ضد الفلول ..
لم ألبث أن أعلنها حتى فوجئت بهجوم من زميل آخر لكل من سيعطى صوته لمرسى أو شفيق باعتبارها خيانة ..
وهى نفس الخيانة التى وصفت أنا بها كل من سيعطى صوته لشفيق .. وقلت عنه إن من يفعل ذلك يبيع أرضه وعرضه ونفسه بالرخيص ..
كلنا خونة .. أنا وأنت وهو .. وهى .. حتى ذلك الطفل خائن .. لماذا يبتسم الآن.















مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة