تمر الدول والأمم بمراحل فارقة فى تاريخها، وتصبح الأوطان على مفارق الطرق فى هذه المراحل، خاصة أن الطرق منها من سيذهب بنا إلى الهلاك، ومنها من سيصل بنا إلى بر الأمان، وأرى أن مصرنا تمر بهذه الحالة الآن، فبعد أن تأكد للجميع أن نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، وضعت ممثل الثورة والثوار د. محمد مرسى فى وجه قاتل الثوار فى موقعة الجمل، ومن الطبيعى أن يعضد الكل موقف مرسى، مهما كانت حدة الخلافات السياسية بين القوى السياسية والإخوان.
فهناك عشرات الأسباب التى تدفعنا جميعا للوقوف خلف مرسى، وعلى رأسها رفض كل القوى السياسية إعادة إنتاج نظام الطاغية مبارك فى صورة شفيق، وإحياء الحزب الوطنى المنحل وقياداته الفاسدة، التى أفسدت مصر على مدار 30 عاما، ويكفينا أننا نعلم أن من حملوا شفيق على أعناقهم فى هذه الانتخابات، وروجوا له فى طول البلاد وعرضها، واشتروا له الأصوات الانتخابية بالمال السياسى الحرام، هم قيادات الوطنى المنحل، وأعتقد أن الكل يعلم أن أجهزة الأمن بمختلف تنوعاتها سخرت وتسخر نفسها لنصرة شفيق، من أجل العودة من جديد لممارسة الطغيان.
ومن الأسباب التى تدفعنا بكل قوة لحسم المعركة الانتخابية لصالح مرسى، ملف الشهداء الذى تورط شفيق فيه بنفسه، فكيف سنسمح لمن قتل شهداءنا فى موقعة الجمل، أن يشرف على ملف القصاص، بل كيف نأمنه على رد الحقوق وهو أول من أهدر الحقوق، وانحاز لقدوته مبارك، وأظن أننا نعلم جميعا أن أول قرار سيتخذه هذا الشفيق، هو الإفراج الفورى عن رموز النظام السابق بعفو عام، سيكون تحت مظلة فتح صفحة جديدة مع جميع أبناء الوطن، ثم يخرج علينا هؤلاء المجرمون ليعيثوا فى الأرض فسادا من جديد.
كما أعتقد بكل يقين أن هذا الشفيق، سينتقم من كل الفصائل السياسية المشاركة فى الثورة، التى وصفها، على حد قوله، بـ«أنها نجحت للأسف»، وسيزج بكل شرفاء الوطن فى السجون، بعد أن يستخدم كل قدراته، فى تشتيت الصف الوطنى الثورى، ومن الأسئلة التى تطرح بكل قوة على ذهنى دوما، كيف يتسنى لنا أن نختار رئيس مشكوك فى ذمته المالية، ومتهم بإهدار المال العام وبيع أراضى الوطن لأسرة الطاغية المخلوع، وكيف لنا أن نقف موقف السلبى من خلال دعوات المقاطعة لانتخابات الإعادة، ونحن نرى مجرما من مجرمى النظام السابق، يسعى للسطو على ثورتنا، ويقتل أمل المصريين فى حياة حرة وعدالة اجتماعية، فلا شك أننا على يقين أن هذا الشفيق لن يرحم مصر والمصريين، وسيكون الديكتاتورية بكل معانيها، ويكفى ما أعلنه عندما سئل عن موقفه، من احتمال خروج مظاهرات ضده بعد نجاحه، فرد بكل قسوة لهم فى أحداث العباسية المثل، فهذه هى عقلية هذا الشفيق الذى لا يعرف إلا لغة القهر وحروف الديكتاتورية، ومنهاج سفك الدماء.
ولعل ما أظهره مرسى من حرص على مشاركة كل الفصائل الوطنية، بمختلف اتجاهاتها فى المرحلة المقبلة، وإعلانه عن قبوله نائبا له أو أكثر من الأشخاص المحسوبين على القوى الثورية، وإعلانه عن عزمه لتكوين حكومة ائتلافية من الممكن أن يكون رئيسها غير إخوانى، وتعهده بإعادة فتح ملف شهداء الثورة أمام القضاء من جديد، والقصاص العادل لهم، مشيراً إلى أنه سيتم تقديم أدلة جديدة فى هذه القضايا وتقديمها أمام درجات تقاضٍ أخرى، وتأكيده على حقوق المواطنة الكاملة لإخواننا الأقباط، كل ذلك يجعلنا نقف أمام مرشح منحاز للثورة والثوار، وآخر يتوعد الثورة والثوار، فهذا هو المشهد، وعلى الجميع أن يقرر شقاء أو سعادة مصر الثورة فى المرحلة المقبلة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة