«جمهورية مصر العربية»، هل ستصبح ذكرى فى يوم من الأيام؟
من خطر بباله هذا الخاطر المؤلم على خلفية واقع الأمر فى مصر الآن؟. هو خاطر بقدر ما يبدو بعيداً عن التصور، بقدر ما هو أقرب للتحقق لو أن مشروع قانون، أو اقتراحات، أو نقاشات «فيسبوكية»، أو حملات إعلامية تم تحضيرها بهذا الشأن، بل إنه فى الحقيقة يبدو منطقياً للغاية لو استتب الأمر لمن يحلمون بإمبراطورية «إسلامية» تعيد مجداً يتصورونه- بأفقهم الضيق- مجرد ترجمة لطموحاتهم السياسية، ورغباتهم فى الحكم.
تصور معى لو أن بطاقة رقمك القومى، أو جواز سفرك، حمل اسم «جمهورية مصر الإسلامية» بدلاً من «جمهورية مصر العربية»؟ هل يستحق الأمر أن تناضل كى لا يحدث هذا؟ هل يستحق أن تحارب لتغييره لو أنه- لاقدر الله- حدث؟
سيغضب كثيرون الآن، وسيعتبرون أن مجرد انتقاد لطرح من الخيال، هو فى حد ذاته «انتقاد الطرح» خيانة للإسلام، وسيفهم كثيرون ما أقصده: هو تغيير الهوية، بدون أى تجميل للحقائق، ببساطة أن نكون مواطنى «جمهورية مصر العربية» لا مواطنى «جمهورية مصر الإسلامية». صدقونى الوقت لم يتأخر لمنع ذلك، ولن يتأخر أبداً، فالمعركة لا تزال طويلة، وعلى جبهات عدة، أخطرها صندوق الانتخاب الذى ستضع صوتك فيه اليوم، وليس أقل منه أهمية، تغيير كل «منكر» يؤدى إلى هذه النهاية التراجيدية للوطن المصرى، كل ما يمكنه أن يتجه بدفة «الوطن» إلى طريق لم نرسمه له، بل رسمه أعداء «فكرة الوطن» فى حد ذاتها، طريق يقولون إنه يوصل إلى الجنة، وفى الحقيقة هو يوصل إلى اللامكان: لا جنة الآخرة، ولا جنة الأرض.
يجلس كثيرون الآن متصورين أن الظلام لابد آتٍ، ويجلس آخرون معتقدين بأن النور سيطأ بلادنا للمرة الأولى، والحقيقة لا هذا ولا ذاك، هى مصر العظيمة، حبيبة القلب، ودرة تاج الشرق، من كسرت جبروت التتار على حدود أرضها، ومن رفعت بوسطيتها كل القيم الجميلة التى مرت بها إلى عنان السماء، وكتبت لها الديمومة. هى مصر التى ذهب أعداء خصوصيتها إلى مزابل التاريخ.
هى مصر التى نخرج اليوم، ولأيام كثيرة قادمة، ولسنوات طوال، كى نرسم لها مستقبلها، مستقبلا يليق بأبنائنا وماضيا يليق بنا، سنغزل لها ثوبًا «يستر» أعراضنا وأفكارنا وأحلامنا، ثوبًا ننسجه بأيدينا جميعًا، دون أن يستبعد أحدنا الآخر من الصورة، فهى صورة لا تناسب فردًا أيّا كان حجمه، هى صورة للجميع. أنا عن نفسى، أفخر وأعتز بأنى من مواطنى «جمهورية مصر العربية»، وطنى المصرى، ومرجعيتى العربية، وأقسم بأن أعمل جاهدة للحفاظ على هوية بلادى، وأنت أيهما تختار: أن تكون من مواطنى «جمهورية مصر العربية» أم «جمهورية مصر الإسلامية»؟
الإجابة لابد أن تكون واضحة، فهى ببساطة مستقبل وطن.. وليست مجرد معركة انتخابية.
اللهم أدِم علينا نعمة الوطن..
وطن لا هجرة منه.. ولا حياة إلا فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة