سمعت شعار «واحد مننا» من خلال حديث شخص معارض لهذا الشعار قبل أن أراه على ملصقات المرشح الرئاسى حمدين صباحى.. كان المعارض يحتج على الشعار قائلا: «واحد منهم، طيب والناس التانية»، ولم أركز كثيرا على انتقادات الشخص للشعار، فقد نقلتنى الكلمات إلى فكرة أعمق من هذا النقد السطحى للشعار.
قفز إلى ذهنى مشهد بعض المصريين وهم يدعون لمرشح رئاسى ممن كانوا ينتمون للنظام السابق، وبدأت أسترجع حججهم التى يدور معظمها حول الخبرات السياسية الكبيرة لهؤلاء، وأن المصريين يحتاجون إلى شخصية مميزة سياسيا تستطيع أن تعبر بهم هذه المرحلة، وهذا التميز من وجهة نظرهم هو نفسه الفرق النفسى الذى وضعه النظام السابق بين طبقتين، طبقة حكام لا يخرج الحكم عنهم، وطبقة محكومين لا يتعدون حدودهم إلى المشاركة فى الحكم، ولنفس المنطق السادى، الذى فرق مصير الناس بين فئتين حكام ومحكومين ظهرت مسلمات تجاوزت حقوق المنطق ولاقت قبولا غير متوقع مثل مسلمة أن الشعب غير مؤهل للديمقراطية.
أريد أن أسوق مثلا مع الفارق فى تصنيف الأشخاص وما سيرد فى المثل، يقول الله تعالى فى سورة الإسراء: «وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا «94» قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا «95»» صدق الله العظيم.
ماذا يريد الله أن يخبرنا ويعلمنا؟ يريد الله أن يقول إن الوالى على أمة لابد أن يكون منهم، فالوالى إن لم يكن من الأمة، وإن لم يشعر بهمومها وآلامها فسيكون على شاكلة الولاة الذين حكمونا باعتبارهم صفوة، وباعتبارنا محكومين.. رفض الله سبحانه وتعالى أن يرسل رسولا ملكا على البشر، حتى يكون الرسول واحدا منهم يعبر عنهم ويفهمونه، بالطبع لا أشبه من أقصدهم من صفوة النظام السابق بالملائكة، ولكنى أردت أن أصل للمعنى كما قلت، وعندما اختار مؤيدو حمدين شعار «واحد مننا» كانوا صادقين تماما، فحمدين كما عرفته طوال الوقت واحد من الناس، هو واحد من المحكومين الذين يبحثون الآن عن حاكم منهم ليقود مسيرة شاقة يمحو بها آثار الذل والهوان الذى شهده المصريون خلال عشرات السنوات الماضية باعتبارهم مواطنين درجة ثانية يحكمهم مواطنون درجة أولى، نعم.. حمدين واحد مننا، عانى مما عانينا منه، ذاق مرارة السجن من أجل الوطن، جلس على الأرصفة فى الشارع تحت حرارة الشمس يشارك إخوته فى الوطن شرف الاحتجاج على ظلم الحكام، شاهدته فى مظاهرة مسحولا فى شارع عبدالخالق ثروت بوجه اختفى وراء الدم والجروح، لم أعرف أنه وجه حمدين إلا من خلال ابتسامة ثقة ساحرة بأن الوطن عائد لأبنائه لا محالة، نعم.. حمدين واحد مننا مثلنا جميعا، كل شخص منا واحد مننا، وحمدين ابن لهذا الوطن لم يخذله وقت كان الطغاة جاثمين على أنفاسه ووضع رأسه على كفه بجانب الكثيرين من المخلصين من أبناء هذا الوطن، ومنهم أيضا مرشحون للرئاسة لن أنتخبهم، لأنه للأسف المطلوب رئيس واحد أراه حمدين، ولكننى أحترمهم مناضلين وشركاء فى المسيرة، واحد مننا يعنى واحدا من الشعب، لأنه آن الأوان أن يحكم الشعب نفسه ويقوده من يعبر عن كل فئاته، وليس عن مصالح فئة واحدة تابعة للطامعين فى الوطن، حمدين واحد مننا، يؤمن بالله وبالوطن ولا يتاجر بما يؤمن به.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة