رفض الحكيم سقراط الهروب من تنفيذ حكم بإعدامه ظلما قائلا: «القانون الظالم يعدل بقانون عادل أما الهروب فهو كسر للقانون وكسر القانون يؤدى للفوضى، والفوضى ظلم للشعب كله»، وهذا يعنى أن عدم الالتزام بالقانون هو الفوضى بعينها، فما بالنا إذا كان كسر القانون وإسقاطه والاعتداء عليه ونشر الفوضى يتم باسم الدين وعن طريق إسقاط قداسة الدين على البشر والأفراد؟ فهل هناك تقديس للبشر؟ لا قداسة ولا عصمة لبشر فالإنسان محدود ضعيف يخطئ أما المعصوم والمقدس واللا محدود وغير المحوى فهو الله سبحانه وتعالى، ولأن الدين والعقائد الدينية فحواها ومحتواها ومبتغاها هو الله، لذلك تستمد الأديان وهى الوسيلة تقديساً من غايتها وهو الله، ولأنه ومنذ بدء الخليقة يعرف الإنسان الله بصورة أو بأخرى مما يحتم وجود عقيدة كوسيلة لعبادة الله، ومن يسمون برجال الدين الذين يشرحون العقيدة ويفسرون النص ويدعون إلى عبادة الله، الشىء الذى يجعل هناك ربطا بين الدين ورجال الدين مما يجعل البسطاء وغير البسطاء من المتدينين يسقطون بعلم مشوش أو بغير علم قداسة الدين على هؤلاء، حتى تحول الكثيرون منهم وعلى مدى التاريخ إلى نوع من الاتجار بالدين، ولذلك وعلى هذه الأرضية وجدنا فى العصور الوسطى فى أوروبا كم مارس رجال الدين فى الكنيسة الكاثوليكية هذا الكم من الاتجار والاستغلال بل الاستبداد باسم الدين لدرجة بيع الجنة وإعطاء صكوك للغفران، وبالرغم من أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية غير الكاثوليكية فهى لا تؤمن بما يسمى بعصمة البابا وبالتالى فلا عصمة ولا قداسة لغير الله، ومع ذلك فكثيرا ما يتم الخلط بين الدين ورجال الدين ويكون التعامل معهم وكأنهم مقدسون، وهذا لا علاقة له لا بالمسيحية ولا بالأرثوذكسية، ولكنه الخلط فى التقديس، كما أن الإسلام لا يعرف من الأساس من يسمون برجال الدين لا على الطريقة الكاثوليكية ولا الأرثوذكسية، ولكنهم علماء الدين الذين استفادوا من علوم الدين وحكمته الكثير حتى يكونوا مرجعيات مجتهدة فى الأمور الدينية بغير عصمة ولا قداسة، ولكنهم إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، فهل هذا عيب فى الدين؟ بلا شك لا عيب فى الدين ولكن العيب كل العيب فى الذى يستغل الدين والذى يحاول بكل السبل وبجميع الطرق أن يقنع البشر باسم الدين وعن طريق تغييب الوعى الدينى الصحيح بأنه مقدس وأن ما يقوله وما يفعله هو الدين، ومن لا يسير وراءه فهو ضد الدين، ومن يتصور أنه من حمى الدين وناصره وهو الذى سيطبق أحكام الدين وشرائعه وكأنه لا يوجد حتى الآن متدينون ولذا فالجميع سيبدأ من الصفر فى اعتناق العقيدة على يد هؤلاء.
كما أننا نرى من يشبه الأفراد من أجل مصلحة خاصة ذاتية أو من أجل مكسب سياسى لحزبه أو لتنظيمه بالأنبياء الصالحين، فمن هو موسى الذى يقف فى وجه السحرة ويكشفهم؟، وبالطبع هؤلاء السحرة هم من لا يقفون فى خندقه السياسى أو هم غير منظمين فى جماعته، ولذا لماذا لا يكون مرشحهم المستبعد هو يوسف؟، ولماذا وعلى هذه الأرضية لا يكون برنامجهم السياسى فى انتخابات رئيس الجمهورية هو الدعاء بالصورة السلبية، بالرغم من أن الدعاء هو الصورة الإيجابية التى يتمنى فيها المؤمن الخير للجميع، وليس الدعاء السلبى الذى يقهر الآخرين، ولهذا فهى مدرسة جديدة فى السياسة وهى تحقيق خطط التنمية وإحداث نهضة بمنهج الدعاء، وإذا كان الخلط قد وصل إلى هذا المدى فلا غرابة فى أن نرى من يقدم نفسه للشهادة لمجرد قرار صادر فى غير مصلحة مريده، وكأن مصلحة هذا المريد هى المصلحة العامة وهى مصلحة الوطن بل هى الدين نفسه، الأمر فيه خلط شديد واستغلال لا يجب أن يكون، وإذا لم يبادر الجميع بتصحيح الوضع، فالأمر سيصل بنا إلى ما لا نريد، حمى الله مصر وأديانه وجعل شعبها يعرف الله ويقدسه فلا قداسة ولا عصمة لبشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة