جماعة الإخوان جماعة تنظيمية وليست جماعة سياسية. من هنا نفهم ماضيها المعقد تماما، ماض صنع تنظيما سريا علنيا شديد المداخل والمخارج، يعمل فى الظلام كما يعمل فى النور، يضع يده فى يدك واليد الأخرى فى ظهرك على شكل سكين أو علامة تعجب!، من هنا نفهم أخطاءهم المتتالية على الأقل منذ 25 يناير حتى الآن، كيف كان يجب عليهم أن يكسبوا الكثير جدا فقرروا أن يلعبوا دور المرابى العنيد الذى صبر سنوات، فقرر أن يقش كل شىء عند أول فرصة دون النظر إلى أخلاقيات اللعبة، لو فهم الإخوان فى السياسة لعرفوا كيف يضعون أكمامهم فوق أفواههم وهم يتكلمون عن أشياء لم يفعلوها ولن يفعلوها، السياسى المخضرم هو شخص لا تصدق أنه يكذب.
فاز الإخوان فى انتخابات مجلس الشعب بأغلبية، ليس لأنهم الأغلبية لكن لأن الأغلبية صدقت أن الإخوان تغيروا وأن أقوالهم هى أفعالهم، ثم أن هناك من روج عن الإخوان - منذ عصر الحزب الوطنى - أنهم يملكون عصا موسى سوف يحلون بها مشاكل المواطن البسيط فى أقل من شهر، مر أكثر وعرف وتعلم المواطن أنه انتخب أنبوبة بوتاجاز وكيس سكر ومصيرهما إلى نهاية. الواقع أن الإخوان خسروا أرضا وفى الطريق إلى خسارة معركة ولا أعرف من الذكى الذى أشار ويشير فتتحرك الجماعة إلى ألعاب خطرة محظورة والأكيد أن هناك ذكيا لكنه ينتمى إلى الطرف الثالث المجهول المشهور. الغباء السياسى كلمة تنطبق على السياسى الذى يقع فى خطأ سياسى يحرقه لكنها لا تنطبق على الجماعة لأنهم يمارسون كل شىء إلا السياسة ، فقدت الجماعة وتفقد كل يوم الأتى: الأمل فى أن تفعل شيئا، احتمال أن تقدم خدمة للوطن والمواطن، مصداقية بتراجع عن كل تصريحاتهم السابقة، استهلاك الوقت فى مناوشات غير مفيدة للمواطن. لو عاش حسن البنا هذا التخبط لما وافق عليه وقد عرف عنه حدس بالقادم وذكاء يصل إلى درجة التنبؤ، لكن الجماعة الآن وعلى رأسها مرشدها لا تؤمن إلا بالعند والتحدى وهذا غرور لا يليق بجماعة كبيرة وضع صندوق الانتخابات على صدرها آمال ملايين المصريين، إن أهم قاعدة فى السياسة أن تكون حكيما، والثانية مهمة أيضا وهى أن تعتذر حين تخطئ، والقاعدتان لم يصلا بعد إلى علم الجماعة، ولو رغبت أن تسمع لوجدت ألف لسان يقول لها الحقيقة ليس حبا أو كرها فيها، لكن أملا فى إنقاذ وطن يقفون الآن على ناصيته يحكمونه ويتحكمون فيه.
لماذا قرر الإخوان التكويش على السلطة؟ فجأة . هكذا فجأة . لماذا قرروا أن يوصموا تاريخهم بتاريخ الحزب الوطنى الذى بدأ وطنيا - إلى حد ما - وانتهى واطيا إلى حد كبير؟ والوطو هنا أنه تخلى عن مبادئه فى صالح أطماع رجاله حتى أصبح أقل من- أوطى - من توقعات الناس. فعل الحزب الوطنى ذلك فى ثلاثين سنة وفعلتها الجماعة فى ثلاثين يوما، يقول الناس الآن إن ثورة استرداد مصر مقبلة، وأنا مؤمن بأن الوضع لن يستمر على هذا النحو طويلا، فقد بلغ اليأس محلا فى العنق يخنق الناس كل لحظة. أصبحنا ندوخ فى اليوم مائة مرة على الأقل بسبب كل ما هو غير منطقى الذى نعيشه، توقعاتى أن هذه فرصة تاريخية لثورة تالية أكثر تنظيما وتحمل قادة وأفكارا. هذه ثورة سوف تحرق أشياء كثيرة. أهمها وجوه تظن أن المجد لها، بينما المجد والبقاء والدنيا وما فيها لله. من يفهم؟ لا أحد فى هذا الوقت يريد أن يفهم وسوف يكون الدرس قاسيا. والله أعلم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة