كثر الحديث منذ فترة بشكل مكثف عن هيبة الدولة ومؤامرة تريد إسقاطها، وتكرر الحديث يومياً فى مختلف وسائل الإعلام، وجلس الناس فى البيوت والمقاهى ومختلف الأعمال يقولون «إلا هيبة الدولة»! وكتب الكتاب وصرخ الإعلام «إلا هيبة الدولة»! ووقف المشايخ على منابر المساجد وأمام الشاشات ينادون بالحفاظ على «هيبة الدولة»! بعبارة أخرى خاف المصريون أو قل أغلبهم على «هيبة الدولة» التى لم يحدد أحد معالمها إلا من خلال الحفاظ على مؤسستين، هما مؤسسة الداخلية والجيش، فانحصرت نظرة العامة فى أن أى مساس بالشرطة بعد انكسارها الكبير يعد مساساً بهيبة الدولة، ونفس الأمر ينطبق على المساس بالمؤسسة العسكرية متمثلة فى قيادتها.
وهذا ما يقال عنه «حق يراد به باطل»، وقد كشفت الأيام بطلانه، أما كونه حقًّا فذلك لأن من ركائز ومقومات الدول الحديثة، بل حتى القديمة، وجود قوتين إحداهما تحمى الداخل والأخرى تحمى الحدود، ولذا فإن الشرطة والجيش بالتأكيد أى انكسار لهما هو انكسار لأى دولة.
وأما كونه باطلاً، فذلك لأنهم حصروا هيبة الدولة فى اسم الشرطة والجيش دون مقومات تدفع أهل هذا البلد أو على الأقل أغلبهم للشعور بأن المساس بهم مساس بالشعب ومقدراته.
ودعنى أطرح مجرد أمثلة على أن سبب إسقاط هيبة الدولة ليس خطأ شعب، وإنما خطأ مقومات هاتين المؤسستين:
> حين تعصى الشرطة الشعب وتقرر أنها بحاجة إلى أن تتعافى لمدة أطول من عام ونيف وتترك الناس تتقاتل وتموت وتسرق على الطرقات فهذا يعنى أن الشرطة هى التى تسقط هيبة الدولة.
> حين تجتمع القوة والعنف من أجل بضعة عشرات من أهالى الشهداء وفض تظاهرهم وتترك البلطجية وباعة الحلبسة والأعلام وغزل البنات ومقاهى فى وسط ميدان التحرير وعلى الكبارى يمارسون خروجهم على القانون والشرطة مغلولة اليد قليلة الحيلة تصبح الشرطة هى من تسقط هيبة الدولة.
> حين تنتفض فايزة أبو النجا والحكومة والقضاء والمجلس الحاكم من أجل كشف مؤامرة تقسيم مصر، كما زعموا، ثم يتم ترحيل من قالوا عنهم إنهم متهمون أجانب بطائرة حربية وفى مقابل مادى، يصبح كل هؤلاء هم من يسقطون هيبة الدولة.
> حين ينتفض مجلس شعب الثورة من أجل تعبير مجازى أو غير مجازى أطلقه عضو شاب فيه خارج أسواره عن المشير أو غيره ويُكوّن لجنة ويصبح توك شو يمارس كثير من أعضائه أغلب عملهم أمام الشاشات متخدش منهم غير كلام، يصبح هذا المجلس جزءاً من إسقاط هيبة مصر لأنه كمن صح عليه القول بييجى فى الهايفة ويتصدر.
> حين يسمحون بأن نلم فلوس من بعضنا من أجل رفع كرامة مصر، يصبح من سمح ومن جمع هو من يقوض هيبة مصر.
هيبة الدول يا سادة لا تقاس فقط بهيكل الشرطة وجيش وحكومة ومجلس تشريعى، ولكنها تقاس بكفاءتهم، ولو قسنا الأمر على الحالة المصرية صارت ليست هيبة.... بلا خيبة!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة