بهدلنا بلدنا بما فيه الكفاية وأكثر، مرمغنا حاضره فى التراب وكتبناه على نافذة الصحف وشاشات التليفزيون وصفحات الفيس بوك بكل وصف يحتقر من شأنه.. منحن.. مبطوح.. مكسور.. خائف.. مرتعش.. وأخيرا راكع. أثبتنا فعلا أننا لا نفهم كيف نحب بلدنا، خلط الكثير عن جهل أو عمد أو استعباط أو استخفاف أو لأن «النكتة حبكت» وغالبا للأسباب كلها.. بين قرارات مسؤولين فى دولة وقدراتهم العقلية وحجمهم الصغير وهم يحكمون ويديرون دولة كبيرة.. وبين مصر بكل ثقلها وقيمتها.. بين مسؤول يلهو ودولة جادة.
انتشرت رسوم كاريكاتيرية تسىء لنا كما تسىء لبلدنا، رسمناها بأيدينا وكتبنا تعليقاتها بأقلامنا، هذا بلد تحمل -ويتحمل- سخافات لا يتحملها أحد، اتهامات باطلة ألصقناها به، سخرية من كل شىء فيه، حتى من طيبتنا وشهامتنا، ثم نطلب منه أن يكون بلدا، أن يصبح كيانا عظيما، أن ينتفض ويتحول من دولة متعثرة إلى دولة عظيمة.. لن يكون هذا أبدا قبل أن يكون عندنا دم وإحساس به، بقيمته بتفرده بروحه بسماحته.
بعد الثورة. هرب منه من هرب مثل فئران مذعورة فى سفينة تواجه عواصف.. هربوا وهم يضحكون ملء قلوبهم أنهم هربوا.. ها ها ها.. أكاد أسمع ضحكاتهم وهم يروون كيف نهبوا وسرقوا وهربوا.. بعد الثورة أيضا رأه من ثار ومن لم يفعل أنه بلد بايظ لن تقوم له قائمة أبدا.. وأن كل شىء فيه فاسد منحل هابط فاشل!!!.. وكلنا سمعنا وقلنا: خلص انتهى مافييش فايدة. وطالب البعض أن تستمر الثورة حتى يتفتت البلد تماما ونبنيه على نظافة، إذا كانت هذه نظرتنا لبلدنا فنحن لا نستحقه، وإذا كنا نرى أنه منبطح فنحن أول المنبطحين، وإذا كنا نراه فاسدا.. فلا معنى لنحمل جنسيته.
بلدنا كبير جميل، وإذا كنا نخاف عليه فعلا ونحبه فعلا ونتمناه فعلا، فعلينا أن نتغير فعلا، أن نكف عن حالة العبط التى تنتاب المحبين حين يتركون حبيباتهم يغرقون ويقفون على الشاطئ يبكون الفراق!
إذا كنا نرى أنفسنا كبارا قادرين على النقد والسخرية والتنكيت على الفاضية والمليانة.. فالأجدر أن نفكر فى كل كلمة نقولها عن بلدنا، ولا نقوم بالمهمة التى يدفعنا إليها أشد أعداء مصر، القريب منهم والبعيد، أن نمسح بكرامة بلدنا وكرامتنا الأرض والعرض.. فهذا لا هو دين ولا منطق ولا عقل.
هات لى بلد فى الدنيا يفعل به أهله ما نفعل، نلقى فى شوارعه زبالتنا ونتف وننف ثم نقول أصله بلد مش نظيف.. نهرب من العمل ونطنش ونهمل ثم نقول إنه بلد فقير معدم لا يعمل ولا ينتج.. نكذب ونتبادل كلاما «أبيح» جدا ثم نتهم غيرنا بقلة الأدب والنفاق.. وهكذا.
مصر أكبر من كل واحد فينا.. وهى فى نفس الوقت كل واحد فينا.. إذا أردتها كبيرة فهى بنظرتك لها وعملك بها.. وإذا أردت أن يحترمك ويحترمنا الآخرون فيجب أن نحترمها من قبل ومن بعد.. نحترمها.. ولكن من يفهم فى الذوق أو الاحترام أو ما يجب أن نقوله وما لا يجب؟!
عن نفسى لن أسمح لأحد مهما كان أن يهين بلدى ولو أبدى لى حسن نيته.. ليس فى الإهانة حسن نية.. أيها المصريون اعتدلوا وفكروا وحبوا بلدكم بجد. لقد ضحك علينا العالم وضحكنا على أنفسنا بما يكفى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة