أقصد المراحل الانتقالية بعد ثورات كبرى كثورة 25 يناير المجيدة، تتسم المراحل الانتقالية تلك بعدم الاستقرار السياسى، فالقوى الاجتماعية والسياسية لا تزال تشكل قوتها التى لم تكتمل بعد، كما أن أجهزة الدولة خاصة الأمنية لم يكتمل بناؤها، كما أن المراحل الانتقالية قد تشهد توترات وعنفًا لأسباب متصلة بالحفاظ على الثورة.
ومع غياب خطط واضحة لمرحلة الانتقال تلك فإن عدم اليقين فى شىء يتعاظم مع غياب الثقة التى تكاد تكون أحد الملامح الرئيسية لتلك الفترات، وكان سؤالنا الرئيسى فى عصر الطاغوت المخلوع هو: ماذا بشأن المستقبل؟ ماذا سيحدث غدًا؟ ولم نكن نستطيع الحصول على إجابة واضحة، ولا يزال نفس السؤال قائمًا، ومازلنا لا نستطيع الحصول على إجابات واضحة.
تتسم المرحلة الانتقالية بما يمكن أن نطلق عليه «الصراعات الاجتماعية الرئيسية»، وهذا ما نلاحظه فى العلاقة بين القوى الاجتماعية والسياسية، والتى تتسم علاقتها بالصراع وعدم القدرة على بناء خطوط للتفاهم أو الإجماع أو حتى بناء تيار رئيسى، وتتسم هذه الصراعات بالعمق بين التيارات السياسية الكبرى كما هو الحال بين التيار الإسلامى فى مجمله وبين التيار الليبرالى.
تتسم هذه المرحلة الانتقالية بالتمرد على القوالب التقليدية للسلطات، وتسعى للبحث عن أشكال مختلفة جديدة للسلطة أكثر اتساعًا وتعبيرًا عن الشباب وعن أكبر قطاع واسع من الأمة، هنا نجد تمرد قطاعات واسعة من شباب الثورة على البنى والنظم التقليدية القديمة كما هو الحال مثلاً بالنسبة لشباب الإخوان وكما هو الحال بالنسبة لقطاع كبير من الشباب السلفى، وكما هو الحال بالنسبة لقطاعات من الشباب داخل الكنيسة القبطية ذاتها.
تتسم هذه المرحلة بالعواطف الجياشة والمشاهد الدرامية التى تنفعل بها الجماهير بأخذ قرارات سريعة ربما لا تكون فى صالح الثورة أو تعبيرًا عنها، كما حدث مثلاً مع مجىء حكومة الدكتور عصام شرف من التحرير. هذه المرحلة تتسم بغياب المعلومات والتى يمكن للمتنافسين على السلطة أن يكونوا بحاجة إليها لبناء برامجهم وخططهم للنهوض والخروج من تلك المرحلة الانتقالية، ومن هنا فنحن مثلاً لا نعرف ما هى الجهة بالضبط المسؤولة عن كثير من حوادث العنف والقتل، كما لا ندرى الجهة المسؤولة عن تهريب الأمريكيين إلى الخارج.
العبور خلال المرحلة الانتقالية إلى بر الأمان من خلال بناء مؤسسات جديدة للدولة بعد الثورات دون أى نوع من الارتداد أو الانقلاب أو الاختراق يضمن للثورة أن تنجح، من هنا أهمية بناء أكبر قدر من التوافق الاجتماعى والسياسى حول الجمعية التأسيسية القادمة للدستور، وبناء أكبر قدر من هذا التوافق حول شخصية الرئيس القادم، لا نقول رئيسًا توافقيّا، وإنما نقول رئيسًا عليه أكبر قدر من التوافق بين كل القوى الاجتماعية والسياسية بحيث يكون معبرًا عن روح الثورة وتطلعاتها، ومعبرًا عن المزاج العام الجديد لمصر فى أن تكون الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة