قبل سنة بالتمام والكمال، انطلقت هذه الصيحة فى درعا السورية، فانتبه الجميع، كانت الصورة النمطية عن الشعب السورى توحى بأنه ساكن كامن خامل، تماما كما كانت صورة الشعب المصرى واليمنى والتونسى قبل الثورة، لكن هذا ما تمرد عليه أبناء سوريا الأوفياء، مطلقين صيحتهم الفريدة العفوية الصادقة «الشعب السورى ما بينذل» وجهوها إلى بشار وزبانيته، ووجهوها إلى إسرائيل وحلفائها، وإلى إيران وحزب الله وعملائهما، ووجهوها إلى كل الأنظمة العربية المتعفنة، فزلزلت عروشا وقلبت موازين وأظهرت الشعب السورى على حقيقته، وغيرت صورته فى الأذهان فأصبح بحق «ما بينذل».
وضع أبناء سوريا الأوفياء هذا الهتاف نصب أعينهم، وعزموا على أن يرضخوا ليكونوا على قدر هتافهم الأول، غير أن الأمر السورى بتعقيداته المتشابكة واختلاط الغث فيه بالثمين أجل فرحة السوريين بالانتصار على طاغيتهم الأقبح، بشار الأسد، دول وأنظمة وعروش وسلاطين اهتزت بعد ثورة الشعب السورى، كشفتهم ثورة أبناء عشتار وتموز، ونزعت عنهم أقنعتهم المزيفة، وخلعت قلوبهم من وسائدها الصماء.
سنة لاقى فيها أبناء سوريا الأشراف المرابطون الصادقون الصامدون أبشع حالات القهر الإنسانى على يد طاغيتهم الأبله الوضيع بشار الأسد، تفنن أحقر العملاء العرب فى التنكيل بشعبه، فما زادهم إلا إصرارا، عذبهم وجوعهم واعتقلهم وقتلهم، ولم يتزحزحوا عن الحق خطوة واحدة، اغتصب نساءهم ورجالهم، ومثل بجثث أطفالهم، فأورث كل واحد منهم ثأرا، وأقسم على ألا يهنأ حتى ينتقم من قاتليه، تتعدد أسماء الشهداء، والدم السورى واحد، تتعدد الأعراق والديانات والمذاهب، والشعب السورى صامد، تتعدد المصائب والنوائب والمكائد، والشعب السورى ما بينذل.. الشعب السورى ما بينذل.
يا أيها الشعب العظيم، قد علمنا قدرك وشاهدنا مجدك، ولقنتنا دروسا غالية ما كنا نحسب أننا سنتعلمها منك، أظهرت بشجاعتك عمالة بشار الذى صدعنا نفخا فى ذاته المغوارة التى لم تحرك صرصورا نحو الجولان وحركت المليشيات والدبابات والطائرات نحو صدور أطفالنا، علمتنا أن الحاكم المستبد أشد وقاحة وأعنف من المحتل الغاشم، دفعت من دم أبنائك مئات ومئات حتى نضع صورتى ضحايا غزة وضحايا سوريا فى مقارنة واقعية، لنعرف أن كراسى الحكم ليس لها دين أو مقدس، وأن الظلم أيا كان اسمه هو عدونا الأول والأخير.
يا أيها الشعب المجيد، أنت تعانى منذ سنة، ولم ينتبه إخواننا الذين يدعون الحديث باسم الله على الأرض إلى نوائبك إلا منذ أسابيع معدودات، فابشر فالدائرة تضيق على قاتليك، وابشر فنصر الله قريب، فقد انتهى زمن الطغاة إلى غير رجعة، وغدا نسمع عن انتصارك ونحتفل معك بثورتك وثورتنا وبهجتك وبهجتنا، لتعود سوريا إلى سابق عهدها، جميلة، رقيقة، عفية، حنون.
يا أيها الشعب الفريد، أنت أكبر من قاتليك، وأعظم من ناهبيك، وأغنى من مفقريك، وأبهى من مشوهيك، وأعلى ممن يريدون لك الدنو، وأرفع من أن تستسلم أو تهان، وأنبل من أن يهزأ بك عابث أو ماجن، وأطهر من أن يدنسك خائن أو عميل، وأشرف من أن يعبث بتاريخك اللقطاء، وأنبغ من أن يتحكم فيك الأغبياء، يا شعب سوريا العظيم، النصر صبر ساعة، وقد صبرتم وصبرتم وصبرتم، وما كان الله ليخذل قوما على جمر الحق قابضين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة