هل نتابع مراحل الوصول إلى هذا البرلمان الذى يجسد اختطاف الثورة ولا يمثل أبدًا روحها أو رغبتها فى الانتصار:
3 - المجلس العسكرى يسلم السلطة التشريعية فى البلاد إلى مدعى تمثيل الإسلام السياسى بتواطؤ كامل على اقتسام السلطة عبر خطوات ممنهجة، ويتفق عليها، تبدأ باختيار لجنة غير محايدة تقترح مسارًا كارثيّا قادت إلى استفتاء يكرس الانقسام الشعبى بعد أن حوله التيار المتأسلم إلى اختيار بين الإيمان والكفر، ورغم وضوح الطريق أمام أى قوى سياسية تتمتع بأى قدر من العقلانية بأن وضع الدستور خطوة البداية لأى إجراء يحظى بالمصداقية، فقد قاد المجلس مع المتواطئين مع الجميع إلى مجلس «منتخب» لا يعرف صلاحياته، يقسم على احترام «دستور» غير موجود أصلاً، وربما ستجرى انتخابات الرئاسة دون أن يعرف المرشحون أو الناس حدود صلاحيات الرئيس، وهل هو رئيس فى نظام رئاسى أم برلمانى أم مختلط.. إلخ.
4 - المجلس العسكرى يسمح بإنشاء أحزاب دينية خالصة وصريحة بالمخالفة للدستور القديم وللإعلان الدستورى الجديد بتحايل سخيف وتحت دعاوى مفرطة فى احتقارها للعقل «مثل موضوع المرجعية الدينية» مما أدخل الشعب فى معركة غير متكافئة بين من يتحدثون عن مصالح الناس والمجتمع بلغة تتسم بالريبة والجدل مع الواقع المتغير وبين من يزعمون أنهم يتحدثون باسم الخالق المطلق جل شأنه يخدعون باسمه ملايين البسطاء الذين لم يجدوا أمامهم سوى هؤلاء الذين استفردوا بالناس ثلاثين عامًا فى جمعياتهم المدعومة من الخليج وعبر المساجد المفتوحة على مصاريعها للدعاية لأفكارهم المغلقة عن الدين والدنيا.
5 - دوائر انتخابية مفصلة على مقاس التيارات المتأسلمة، شاسعة وغير متجانسة تسمح فقط بالنجاح لمن يرفع شعارات براقة لا من يعرفه الناس لأنهم طيبون وقريبون من الله وغير فاسدين، كما انتفى معيار الكفاءة السياسية أو القدرات الاجتماعية كرد فعل على تخويف الناس من تكرار تجربة الحزب المنحل «فإذا بهم يكررونه فى ثوب إسلامى» خاصة فى بذخ الإنفاق وعدم التورع عن استخدام كل الوسائل للنجاح فى الانتخابات ولو كانت الرشوة والكذب والنفاق.
6 - استمرار تشويه الثورة ورموزها بنشر الإشاعات والحصار الإسلامى وصولاً إلى القتل فى الميادين ومرورًا بالمحاكمات المزيفة والانهاك والترويع المستمر لكل الجماهير التى يمكن أن تبدى قدرًا من التعاطف مع رافعى شعار «الثورة مستمرة» والمدافعين عن مبادئها وحتى تشهد عملية اختطافها تجرى بلا توقف.
7 - دفع الناس دفعًا إلى قبول شروط المجلس العسكرى قبل تسليم السلطة إلى قوى مدنية منتخبة وذلك عبر المذابح المتكررة من البالون إلى ماسبيرو إلى محمد محمود ومجلس الوزراء وانتهاء بأحداث بورسعيد التى لم تكن لتقع بهذا الحجم وهذا المستوى من البشاعة لولا إشاعة مناخ من الاحتقان والتوتر وكراهية الآخر يجعل المواطن العادى «ألتراس أو متدينين» يتحولون إلى وقود فى معركة يصطعنها متآمرون يدبرون وقد ضمنوا اندفاع البسطاء إلى تنفيذ المخططات بحرق الكنائس أو قتل المتظاهرين وحتى مشجعى كرة القدم.
بالمناسبة: لماذا لا أحس بأن أحدًا من هؤلاء يستمتع بكرة القدم وقد وقف طوال المباراة يهتف وبعضهم يولى ظهره للمدرجات؟! وما معنى أنه سيشجع فريقه حتى الموت؟ وما علاقة الموت بالرياضة؟ وكيف وصلنا إلى هذا الحد؟!
ورغم كل ذلك:
نحن متفائلون بانتصار هذه الثورة وبأن دماء شهدائها لن تهدر أبدًا ونحن نفهم جيدًا أن من الصعب على من يتقاضون الملايين كرواتب من عرق الناس ودمائهم أن يتخلوا على سلطة أتاحت لهم أن يصبح الفساد جزءًا من روتين حياتهم اليومية، ولكننا نؤمن أيضًا بأن طاقة الغضب عندما تنطلق متحررة فى قيود الخوف والقهر فإنها لا تعرف المستحيل وستندفع كالطوفان لا يوقفها شىء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة