مصر تنهار، هكذا وصلنا إلى مفترق الطرق.. وصلنا إلى الحد الذى لم يعد بعده سوى الانتحار، وعلينا إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تضيع منا مصر، ما حدث ليلة الأربعاء الماضى فى استاد بورسعيد كارثة قومية بكل التفاصيل، بل هو إشارة واضحة إلى أننا قد توغلنا فى النفق المظلم، الذى حذرت منه منذ شهور، إنها قمة الفاجعة كانت الأيام الأخيرة تحمل لنا أنواعا من الفوضى لم تعرفها مصر من قبل، وبرغم السطو المسلح المتكرر والسرقة فى عز النهار والبلطجة اليومية، فإن ما حدث فى بورسعيد فى أعقاب مباراة كرة قدم، هو شىء مرعب يجعلنا نعيد تفكيرنا من جديد ونقلب موازين تخطيطنا رأساً على عقب، لابد من أسلوب جديد يدير هذا الوطن الذى تحول إلى مرتع للخارجين على القانون، وما كانت مصر أبداً كذلك وما كان المصريون أبداً هكذا.. لقد تحول العنف إلى مشهد يومى متكرر وصار الموت والحياة عند البلطحية سواء، لا شىء يعنيهم حتى أرواحهم وبالتالى فإن أرواح الآخرين سدى وبلا أى قيمة.. الأمر خطير جداً ولابد من تدارك العواقب سريعاً.. لأن هيبة الدولة قد ضاعت، وهذا ما لا نرضاه أبداً وعلينا أن نتماسك من أجل دولتنا وعراقتها وهيبتها التى لا نقبل لها بديلاً أبداً بأى حال من الأحوال.. ما حدث مؤخراً ليس مجرد إنذار خطر.. بل هو الخطر الأكبر الذى لابد معه أن نتحرك فى الحال، لنرسم خريطة طريق نسترشد من خلالها ملامح المرحلة القادمة، شعب مصر لا يستحق هذا الفزع، ومن الصعب أن نصدق أن هذا هو شعبنا، البعض يريد أن ينقسم الشعب إلى جزر منعزلة لكى تسهل السيطرة عليه واحتواؤه، وآخرون يرون أن هناك اللهو الخفى هو المسؤول عن هذا الانقسام وهذه الفوضى.. ولا أعرف من هو هذا اللهو الخفى؟!.. إن الأزمة قد وصلت إلى قمتها والفوضى أصبحت وجبة يومية مفروضة على الشارع المصرى.. فهل وصل الأمر أن يحدث هذا العراك من مجرد مباراة كرة قدم؟.. هل مجرد مباراة ينتج عنها كل هذه الدماء وكل هذه الضحايا فى سابقة ليس لها نظير فى مصر، بل لم نشهد مثلها فى أى أحداث شغب عاشتها مصر منذ عشرات السنين؟ مصر تعيش اليوم فى حالة حزن وحداد ودهشة وذعر وصمت رهيب، كل المصريين أحسوا بالخطر المقيم بيننا، لم يعد هناك أمن ولا آمان، لا فى الشارع ولا فى المنزل ولا فى العمل، فهل وصلنا إلى الحد الذى أصبحنا فيه نذبح بعضنا البعض؟!، والمثير للحزن والدهشة معاً، أنه كلما بدأ الإحساس بالأمان وأن هناك كيانات كبيرة تتحقق ومعها نتأكد أننا نضع أقدمنا فوق أرض صلبة.
فإذ بنا ندمر ما فعلناه فى لحظة لنعود إلى نقطة الصفر.. فبعد أن تم افتتاح أول برلمان بعد ثورة 25 يناير.. البرلمان الذى اختاره الشعب بحريته وبإرادته وبدون أى تدخل من أحد وبدون أى شبهة تزوير.. ونقول بعده لنبدأ طريقنا الجديد فى أمان واستقرار، لإعادة بناء الدولة بكل فروعها.. فإذا بنا نجد أننا نحاول تدمير ما أقمناه.. ولا أعرف لمصلحة من ما يحدث؟!.
قضايانا معلقة منذ الثورة ولم تحسم واحدة منها.. قضية هروب السجناء الفج الذى حدث منذ الأيام الأولى للثورة، وحتى هذه اللحظة لم يتم تسليم أحد.. إلى جانب ذلك صراعات التيارات المختلفة والاختلافات، نجد معارضين كل همهم الظهور المستمر المريب فى الفضائيات.. وكأنهم يوزعون أنفسهم للتشفى فى شعبهم المفترض أن لهم الولاء الأكبر له.. ولكن ما يحدث يكون عكس ذلك تماماً.. والنتيجة هى هذا الكم من الانقسامات والتدنى والضبابية التى يحاولون أن ينشروها فى سماء مصر ليل نهار.. حتى تضيع الرؤية، وتتوه الحقائق.. مصر فى خطر.. وما يحدث يهدد كل شىء ونحن لا نقبل أن تستمر الأوضاع على هذا النحو، جاء الوقت لنتكاتف ونعمل بعيداً عن الإضرابات والاعتصامات، ونعيد الثقة فى أنفسنا أولاً ثم فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى هو درع مصر وقلبها، ثم فى مجلس الشعب الجديد الذى نثق فى حكمته، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة