بالرغم من الحنكة التى يتعامل بها الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب وقدرته على امتصاص الكثير من الأزمات، إلا أنه فى كثير من الأوقات يسير على درب أسلافه من رؤساء مجلس الشعب السابقين وظهر فى كثير من المواقف وكأنه ناظر المدرسة الذى يردع الطلبة المشاغبين ويقهر المعارضين مكشرا عن أنيابه تجاه المخالفين، محتمياً بالأغلبية التى كان يحتمى فى ظلها رؤساء المجالس السابقين.
فقد ظهر المجلس فى جلسة الثلاثاء الماضى التى حضرها رئيس الوزراء وعدد من وزرائه أشبه بمجلس الحزب الوطنى المنحل، وليس مجلس ثورة قادر على أن يقود مصر نحو المستقبل وتحقيق طموحات وأحلام الشعب، فظل رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى يتحدث عن إنجازاته الوهمية، بل ادعى أنه من المظلومين ولولا الحَرج لقال إنه قام بالثورة وتم اعتقاله وسجنه فى عهد مبارك وعاش فى فقر مدقع مثل 40% من الشعب المصرى، متناسيا أنه عاش أكثر من ربع قرن من حياته يتقلب فى الوزارات المختلفة، ثم نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس وزراء.
لقد ظل الجنزورى يتحدث عن إنجازات غير موجودة سوى فى مخيلته منذ كان وزيراً للتخطيط وكأن الزمن توقف به عند بداية الثمانينات، ثم غادر المجلس بعد هذه الكلمة بقليل وكأنه جاء ليلقى محاضرة على مجموعة من الطلاب وليس فى نقاش مع نواب الشعب للوصول إلى قرارات تنقذ الوطن، ولم يكن وزراؤه بأحسن حالاً منه، فقد تحدث وزير الداخلية عن عودة الأمن فى الوقت الذى ينتشر فيه البلطجية فى ربوع مصر والخطف وقطع الطرق لم يعد قاصر على الطرق الخارجية، بل فى وسط القاهرة وميادينها العامة، ملاعبها التى اكتست بالدماء بدل العشب الأخضر، بينما ظهر وزير العدل ليؤكد على استقلال ونزاهة القضاء متناسيا القضاة الذين تم تعيينهم بالواسطة والمحسوبية فى عهد المخلوع مبارك والذين لا يملكون القدرة ولا الموهبة والدراسة الكافية للحكم بالعدل، أما إنجازات وزارة العدل وما قدمته للثوار التى تباهى بها الوزير وسط النواب فكانت إعفاء أسر الشهداء من إعلام الوراثة البالغ قيمته 2 جنيه و65 قرشا، يبدو أن هذا هو سعر الشهيد فى وزارة العدل؟!.
لقد عادت الحكومة إلى كلمات النفاق المعهود الذى قاله كل رؤساء الوزراء السابقين، بل الغريب أن الجنزورى ووزراءه تمنوا القصاص ومجلس الشعب شاطرهم فى هذه الأمنية وكأن المسئولين والمجلس متخصصون فى الحديث عن الأمانى والظهور الإعلامى، أما الأفعال فأصبحت من نصيب البلطجية والفلول.
للأسف ظلت الحكومة ومجلس الشعب طوال الجلسة يتحدثون عن الشهداء دون طرح قرار والموافقة عليه بتعويضهم أو القصاص لهم، وتباهت الحكومة بعدة ملايين تقدر بـ23 مليون جنيه للشهداء، كأنهم فريق كرة فاز ببطولة أفريقيا، متناسين أن هؤلاء الشهداء أطلقوا سراح مصر ولولاهم ما كانت هذه الوجوه فى قاعة المجلس وما عاد الجنزوى لرئاسة الوزراء.
وسط هذه المكلمة التى لاتختلف عن مكلمة الحزب الوطنى كان الوضع خارج قاعة المجلس أكثر إيلاماً حيث تجمع شباب الإخوان لعمل كردون لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المجلس وتوصيل رسالتهم لنواب الشعب، وكأن شباب الإخوان يحمون اجتماع مجلس شورى الإخوان، غافلين أن هذا المجلس لكل المصريين ومن حق الجميع أن يصل إليه وينقل شكواه إلى النائب الذى اختاره بيسر وسهولة بعيداً عن العنف، فمن الذى أعطى هؤلاء الشباب الحق للقيام بدور الشرطة والجيش؟، ولماذا يفقد الإخوان الثقة فى الآخرين بالرغم من أن المتظاهرين معتصمون أمام التلفزيون منذ أيام ولم يقوموا بتخريب المبنى أو اقتحامه.
فهل أصبح مجلس الشعب، مجلس لشورى الإخوان، وأصبح شباب الإخوان شرطة بديلة، إن الكرة أصبحت فى ملعب مجلس الشعب وعليه التحرك السريع من الكلام إلى الأفعال عبر وإصدار تشريعات سريعة وحاسمة ومتابعة تنفيذها لوقف نزيف مصر وإلا سيصبح نسخة مكررة من المجالس السابقة تحقق أهداف وطموحات فئة معينة على حساب مصر وشعبها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة