جمال أسعد

إلى أين ستأخذنا الطائفية؟

الثلاثاء، 21 فبراير 2012 03:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالرغم من ذلك التوحد التاريخى الذى يؤكد أصالة مصر وتحضرها الذى ظهر فى ميدان التحرير فى 25 يناير 2011، ذلك التوحد الذى أزال التراب عن معدن ذلك الشعب العظيم عندما سقط مبارك بمشاركة كل المصريين من كل الطوائف والأديان والأعمار، ولكن وجدنا بعد الانسحاب من التحرير- تصوراً أننا قد أنجزنا الثورة- تصاعد وتجذر الأحداث الطائفية بحادثة كنيسة أطفيح، مروراً بأحداث المقطم وإمبابة والماريناب وماسبيرو، حتى حادثة التهجير لأسر قبطية فى العامرية لمشكلة أخلاقية، والشرقية لأسلمة فتاة مسيحية، وبالطبع كانت الآمال معقودة فى السياق الظاهرى على أن تخفت حدة هذه المشاكل، ولكن كان الواقع يقول شيئاً آخر، فقد تصاعدت تلك الأحداث فى شكل متناقض مع روح التحرير الذى جمع المسلم والمسيحى حول هدف الثورة، وذلك لأن هناك مشاكل قبطية تراكمت عبر التاريخ فأحدثت مناخاً طائفياً أنتج فرزاً طائفياً ساهم فيه الجميع دون استثناء، التعليم والإعلام والسلوك الاجتماعى «نتيجة للانغلاق على الثقافات الخاصة» والخطاب الدينى الذى جعل المؤسسات الدينية تنجرف وراء ذلك المناخ، فأصبحت هذه المنظمات جزءاً من المشكلة بدلاً من أن تكون جزءاً من الحل، ولذا فما حدث فى التحرير هو أن الشعب المصرى دائماً وأبداً تجمعه الكوارث والملمات والثورات حيث يتم تأجيل التناقضات، ولا يسقطها، ثم بعد ذلك تظهر هذه التناقضات متأثرة بمعطيات الواقع السياسى، وبلا شك فإنه قد كانت هناك معطيات مضافة للمشهد السياسى زادت من حدة تلك المشاكل مثل حالة الانفلات الأمنى الكارثية واهتزاز هيبة الدولة حتى تم إسقاط القانون وأصبح بديله القوة والقدرة.

إضافة إلى ظهور بعض التيارات الإسلامية التى لم تتعاط السياسة قبل ذلك، وما صاحب هذا الظهور من ممارسات وتصريحات أزعجت كثيرا من المصريين من المسلمين وغير المسلمين، حيث هذه التصريحات كانت تعتمد على اجتهاد خاص بصاحبه لا يتفق مع المقاصد العليا للإسلام التى تعلى من حرية العقيدة «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، والأهم أن مشاكل الأقباط لا ولم ولن تحل بمعزل عن مشاكل كل المصريين وعلى كل الأصعدة، ولذا فتعثر طريق الثورة وما صاحب ذلك فقد أجل حل كل المشاكل ومعها مشاكل الأقباط، ولكن هناك أشكالية لابد من الانتباه إليها هى أن مشاكل الأقباط فى ظل النظام الساقط كانت حجته غير المعلنة عن عدم حلها هى عدم تجاوب الشارع مع الحل نتيجة لسيطرة التيار الإسلامى على الشارع وفقدان مصداقية النظام لدى هذا الشارع، ولكن الآن وبعد وصول التيار الإسلامى إلى ما وصل إليه، فقد أصبحت الكرة الآن فى ملعبه، وهنا لابد من تطبيق قيم الإسلام مع غير المسلم على أرض الواقع، بعيداً عن أى كلام نظرى حتى لا يتم الخلط بين الإسلام والمسلمين، كما أن ما يسمى بالأحكام العرفية التى يتم إحلالها محل القانون هى غير المصالحات الاجتماعية التى يمكن أن يكون لها مبررها ولكن دون إسقاط القانون أيضاً، فهل يصح الحكم بتهجير أسر مسحية لأن أحد المسيحيين قد أخطأ، وهل يصح هذا التعميم فى الجزاء، وما علاقة القانون بالتهجير؟ فهذا هو بداية الطريق الخطر الذى يمزق الوطن ويعطى الفرصة الذهبية لتنفيذ المخططات المعلنة لتفتيت مصر، وما هو مبرر مشاركة رجال الشرطة والجيش فى هذه الجلسة العرفية؟ ألا يعنى هذا الاعتراف بإسقاط القانون وضياع هيبة الدولة وإعلاء القوانين الخاصة وعودة مجتمع الغاب؟ الأمر خطير وهى ليست قضية أقباط مصر ولكنها هى قضية كل المصريين فى ظل ثورة رائعة لم تكتمل، وهناك من لا يريد اكتمالها وتحقيقها حتى تظل مصر لكل المصريين.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة