«لا تسِر عكس التيار، لا تقف فى وجه المد الثورى، احذر من رأى يخالف رأى التحرير، قف ألف مرة قبل أن تأخذ موقفا يصطدم بشباب الثورة، إياك أن تتلفظ بما لا يقبله معتصمو الميدان»، هذه نصائح يتناقلها الإعلاميون فيما بينهم، قبل كتابة المقالات أو الخروج على شاشات التلفاز، وللأسف وجدت كثيرا من أبناء مهنتنا اتخذ من هذه النصائح عقيدة لهم، بل ووصل الأمر بهم إلى أن بعضهم فى القنوات المعروفة بانتمائها للفلول زادوا على ذلك، ولم يقفوا عند حد التأييد والمباركة لكل خطوات شباب الثورة، بل وجدنا منهم من يريدها نارا لا تهدأ ويثير حماسة الثوار لشىء فى نفسه، من خلال كلمات رنانة تطالبهم بالمزيد من المواقف التى لانعلم إلى أين ستذهب بنا.
وقبل أن أوضح رأيى فى مواقف بعض شباب الثورة الأخيرة، أُذكر من نسى أننى ممن نزلوا فى هذه الثورة وتعرضت للقتل أكثر من مرة على يد جنود الطاغية مبارك فى جمعة الغضب، مثلى مثل الكثير ممن تشرفوا بالمشاركة فى هذه الثورة العظيمة، وأذكر ذلك حتى لا يزايد علىّ أحد، فالتخوين والاتهامات بالعمالة وبيع الثورة، أدوات مسنونة أصبحت جاهزة، لكل من تسوّل له نفسه بنقد مواقف بعض الثوار.
لكن إذا اصطدمت مصلحة الوطن، بمواقف أى من كان من المصريين، فالصمت يصبح جريمة، والخوف من رد الفعل يصبح خيانة، والسلبية تصبح قدحا فى وطنيتنا، فما قامت ثورتنا إلا لهدم جدار الخوف وذبح الصمت ودفن السلبية للأبد، لذا أرى أن بعض الثوار اخطأوا خطأ كبيرا بدعوتهم للعصيان المدنى، فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الخانقة، وتربص الغرب والأمريكان بنا، الذين تعالت أصواتهم بالتهديد بقطع المعونات، مستغلين حالة الاضطراب السياسى والاقتصادى التى تجتاح البلاد، وذلك لفرض طوقا على أعناقنا من أجل إذلالنا لنكون أتباعا مثل نظام الفاسد مبارك ورجاله.
ولا أدرى بأى عقل وحكمة يدعو من دعا لهذا الإضراب، فبدلا من أن نُسخّر جهودنا من أجل إنماء اقتصادنا ليخرج من كبوته، ويتعافى من حالة الاحتضار التى كانت نتيجة لنهب وسرقة على مدار 30 عاما، نجد من بيننا من يطالب الذين ينتجون بالتوقف عن الإنتاج، بل بأى منطق نغلق مصانعنا، وكل العمال يشكون مر الشكوى من تردى الأحوال، إنه انتحار اقتصادى أترفع بشباب الثورة أن يكون سببا فيه.
ولا يختلف اثنان على أن أداء المجلس العسكرى زاد البلاد اضطرابا وسوءًا، وأصبحنا فى أمس الحاجة لرحيله، مع المحافظة الكاملة على مؤسسة الجيش، التى نُكن لها كل اعتزاز، فسقوطها يعنى انكسار الوطن، لكن علينا أن نصبر حتى تتم الانتخابات الرئاسية التى سيبدأ الترشح لها فى 10 مارس القادم، ويرحل العسكر لثكناتهم، وإلا سنكون جميعا مشاريع شهادة، إذا أراد المجلس العسكرى البقاء فى الحكم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة