تحت عنوان «وهم عودة الأمن» كتبت فى هذا المكان يوم الأحد قبل الماضى 22 يناير، وقلت إن هناك نغمة جديدة سائدة فى وسائل الإعلام تدعى أن الأمن عاد وبقوة، وما هذه العودة إلا «وهم» يريدون أن يقنعونا به حتى نكف عن المطالبة بتطهير الداخلية، لكن بالطبع هذا لم يعجب المخبرين، وانهال الهجوم المأجور على كاتب هذا الكلام، وكتب الكتبة ما يكفى ليجعلك تصدقك أن «وهم العودة» حقيقة، وتطاول المتنطعون على كل من أراد أن يخلع عصابة الوهم من فوق عينيه.
الأغرب بالنسبة لى هو كيفية رد وزارة الداخلية على ما كتبته، فبعدها بيوم واحد أقامت الوزارة معرضا لما أسمته «المنقولات المسروقة» مستعرضة ما ادعت أنها استرجعته من السارقين، فجاءت ببضعة مشغولات ذهبية، وبضعة أجهزة كهربائية، ومسدس صوت، وقالت: انظروا إنجازاتى، ولا تصدقوا المغرضين أمثال هذا الكاتب أو ذاك، وبرغم أنى لا أعرف مصدر هذه المنقولات، ولا أعرف أيضا هل هى فعلا مسروقة أم مستعارة من أجل التصوير، لكنى قلت إن صدقت الداخلية وكانت هذه الأشياء مسروقة فعلا فبئس ما عرضت، فحجم المعروض لا يتناسب أبدا مع حجم المسروق، وبهذا تكون الداخلية قد فضحت نفسها فى الوقت الذى أرادت فيه أن ترد عنها الفضيحة.
لم يكن الأمر بحاجة إلى معجزة لاكتشاف كذبة عودة الأمن، وشوارعنا بما يعمرها من زبالة الانفلات الأمنى خير دليل، ومن يرددون غير ذلك من المؤكد أنهم صنفان: الأول مغيب عن شوارعنا يعيش على ما يذيعه التليفزيون الرسمى من سخافات، والثانى «مخبر» متنكر يسبح بحمد الأحذية العسكرية ويهتف لأى سلطة مع الهاتفين، وانظر معى فى عناوين أخبار أمس الأول لتتأكد من ذلك.
فى الشرقية قتل الأهالى اثنين من البلطجية وعلقوا جثتيهما على عمود إنارة ومثلوا بها لأنهما قتلا شابا أراد أن يمنعهما من سرقة «توك توك» وفى التجمع الخامس هجم اللصوص على بنك HSBC وسرقوا ما به من أموال فى وضح النهار، وفى طرة أدخل ضابط زجاجة فى فتحة شرج سجين تقدمت أمه ببلاغ للنائب العام تتهم فيه ضابط السجن بهتك عرض ابنها، وفى المهندسين قطع عشرات الشباب شارع جامعة الدول العربية اعتراضا على الانفلات الأمنى بعد مقتل زميل لهم بالرصاص فى نفس الشارع وفى وضح النهار أيضا، وفى الدقهلية طرد أهالى قرية ميت خالد أفراد الشرطة من القسم لاختطاف طالب فشلت الشرطة فى استعادته فدفع أهله الفدية وقدرها 200 ألف جنيه، فلم تعده العصابة، هذا بالإضافة إلى السطو على سيارة «أمانكو» والاستيلاء على 3 ملايين جنيه، كل هذا حدث فى ظل «عودة الأمن» التى يدعيها المخبرون، إنه وبالفم المليان «يسقط يسقط حكم العسكر».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة