الخطاب الذى ألقاه الرئيس محمد مرسى مساء أمس الخميس، يعبر عن حالة البعد الشديد بين الرئيس والشارع، فالبادى للمراقب أن الرجل أصبح لا يرى إلا ما تراه الجماعة الإسلامية والتيار السلفى الذى يناصرها، وكلهم الآن متهمون بالشرك بالله لأنهم أعطوا للرجل بالإعلان الدستورى حق الأمر المطاع الذى لا يقبل المراجعة أو الجدل أو النقاش، أى التنفيذ دون معارضة، فإذا لم يكن هذا هو الشرك فليخرج علينا أنصار هذا وذاك ليفسروا لنا معنا الشرك. المهم أن الرجل فى بيانه اتضح أنه كنائبه يعيش مغيبًا أو كمبارك لا يسمع نبض الشارع، متخيلاً أنه يحوز الأغلبية، رغم أنه لم يحصل فى الانتخاب الأول إلا على 5764952 صوتا من 23265516 صوتا، وفى الانتخاب الثانى نال أغلبية 51% من الأصوات ربعها على الأقل أصوات عقابية لشفيق. على أية حال نعود للخطاب ونقول إن علينا بشأنه خمس ملاحظات:-
الأمر الأول، أنه رغم حالة الاحتقان الذى خلفه الإعلان الدستورى والدعوة للاستفتاء، إلا أن الرجل لا يرى فى كل ذلك غضاضة سوى غضب الشارع من المادة 6 من الإعلان المكمل التى تعطى للرئيس اتخاذ تدابير فى حالة الخطر. وعربون محبة للقوى الوطنية، إمكان التخلى عن تلك المادة.
الأمر الثانى وربما الأهم والمستغرب فى الخطاب، قوله إن الاستفتاء فى موعده، إذن علام الحوار. التقدير إن الإعلان مات منذ مولده. بعبارة أخرى أن هم القوى الوطنية هو الدستور الذى سنوحل فيه جميعًا لخمس أو ربما عشر سنوات. صحيح أن المستشار أحمد مكى قال بعد الخطاب بساعات، إن الاستفتاء مطروح على طاولة البحث، لكن الأمر يبدو لا يصدقه الطفل الصغير، لأن موعد الحوار ظهر السبت، بينما يبدأ استفتاء المصريين بالخارج على الدستور صباح غد السبت.
الأمر الثالث، حديث الرئيس عن أن الإعلان سيلغى سواء حاز الاستفتاء على نعم أم لا. سيلغى إذا كانت النتيجة بنعم فهذا مفهوم، لكن كيف سيلغى أيضا لو كانت النتيجة بلا. لقد كانت دعاية الإخوان لنعم فى الاستفتاء هى أن لا ستوحل المصريين فى الإعلان. وحتى لو افترضنا أن كلام الرئيس هو الصحيح، فهل معنى ذلك أنه سيصدر إعلانا دستوريا جديدا لو كانت الإجابة على الاستفتاء بلا.
الأمر الرابع، حديثه عن اضطراره لصدور الإعلان وتحصين قراراته به بأنه أمر يخص القرارات السيادية فقط، وأن تلك الأمور السيادية معلومة لدى القضاء. السؤال ما دامت تلك الأمور معلومة لديهم، لماذا حوى الإعلان تلك المادة التحصينية.
الأمر الخامس، قوله إن الحوار بين القوى الوطنية سيكون على استكمال مجلس الشورىـ أى نسبة التعيين، هو أمر يفترض أن الخلاف هو على أسماء المعينين. وقوله إن الحديث سيتطرق لقانون الانتخابات البرلمانية القادمة، يجعل السؤال، طالما أن قانون الانتخابات القادمة مسطور فى الدستور المستفتى عليه، فماذا لا تقف إجراءات الاستفتاء لحين البت فى الأمر؟
الأمر السادس، حديثه عن أن لو جاء الاستفتاء بلا سيبدأ فى تشكيل تأسيسية جديدة بالتوافق أو الانتخاب الحر المباشر، لكنه لم يوضح آلية تنفيذ ذلك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة