"المعلمون هم الركيزة الأساسية فى نجاح خطط التعليم وبلوغه أهدافه، وعلى الدولة أن تضمن لهم معاملة مالية تحفظ كرامتهم وتعينهم على التفرغ لرسالتهم السامية" هذه هى المادة ونصها، أما الساقطة فأعنى بها التى سقطت من المسودة النهائية للدستور الجديد- وللأسف لم نجد لها أثراً أو بديلاً ولا حتى تعديلاً- بعد أن كان منصوصا عليها فى باب المقومات الأساسية للدولة من المسودة الأولية للدستور الجديد.
تلك المادة التى تخص سيد المجتمع وسيد الباقين والمنسحبين من التأسيسية، سيدى وسيدك، وصاحب الفضل فى قرأتك هذه الكلمات، إنه صاحب المقام العالى والمكانة الرفيعة، المعلم، عندما سئل عنها نقيب المعلمين وعضو لجنة المقومات الأساسية بالجمعية التأسيسية للدستور الدكتور أحمد الحلوانى، وسر اختفائها من المسودة النهائية للدستور، كانت إجابته أنه يبحث عنها لأن الإصدار الأخير للدستور كشف غيابها، ولا يدرى هل سقطت سهوا أم عمدا بعد أن وضعت كل لجنة ترقيماً لمواد الدستور".
وبعد طول بحثه عنها كان رده "أن الجهات المشاركة فى وضع الدستور تقول وجهات نظرها دون أن تفرضها، سنحاول إقناع أعضاء التأسيسية بضرورة وجودها، لأن هناك من تساءل لماذا ينص الدستور على كرامة المعلم دون باقى الفئات العاملة فى المجتمع".
وهنا أتساءل: كيف للجهات المشاركة- حسب الحلونى- أن تتساءل أو تعترض على هذه المادة، فى حين أن المعلم فى الدول المتقدمة يحظى بسلطة وحصانة لا يتمتع بها القضاة والبرلمانيون، ولما لم تجبهم يا سيادة النقيب بما قاله إمبراطور اليابان أن أهم أسباب تقدم دولته فى هذا الوقت القصير: "بدأنا من حيث ما انتهى منه الآخرون وتعلمنا من أخطائهم وأعطينا المعلم حصانة دبلوماسى وراتب وزير؟!.. وهل من المنطق أن تعترض أى فئة أخرى على مثل هذه المادة وهو صاحب فضل عليها بل صانعها، صانع الطبيب والمهندس والوزير والرئيس..؟ وكيف تبقى يا سيادة النقيب فى تأسيسية تقلل من شأن من تمثلهم بدلا من أن تسمو بهم؟
كيف يعقل أن يتحدث الدستور عما يخص التعليم من حق المواطن فى مجانيته والقضاء على الأمية والحق فيه ومعايير جودته وغيرها ولا يشير إلى القائم عليه وعمود العملية التعليمية ذاتها؟
معالى النقيب.. كفاك ضحكاً على "دقون" المعلمين، اعترف بعجزك عن تلبية مطالبهم، اعترف أن المعلم فى عهدك أصبح لا يفرق قيد أنملة عن المعلم فى عهد النظام السابق بل تحولت أوضاعه للأسوأ.
بالله عليك أخبرنى أى طموح حققته للمعلمين منذ توليك؟ فأبسط حقوق المعلمين، وهو الكادر بعد أن كثر اللغط حوله والشد والجذب بين الحكومة والمعلمين، ومناضلتهم للحصول عليه، جاءت استجابة الحكومة للكادر "الهزيل" الذى أقررته أنت وهى لا ما يرتضيه المعلمون، وانحزت أنت للحكومة لا لجموع رعاياك بحجة أن المعلمين عليهم تحمل ظروف المرحلة..وليته تم تنفيذه أو صرفه بل حبر على ورق لم ير المعلمون منه شيئاً حتى الآن.
هل ينتظر منك الإبقاء على حقوق المعلمين وكرامتهم فى الدستور، بعد أن أُهدرت على يد وزير التعليم نفسه عندما أعلن فى أحد مؤتمراته أنه اتفق مع الشرطة على معاملة المعلمين المضربين عن العمل من أجل الحصول على حقوقهم،على أنهم قطّاع طرق، وكأن المعلم دمية تتقاذفها الرياح ولا تعترف بهم الحكومة ولا نقابتهم، بل ساوى الوزير من خلال هذا التصريح بين المعلم و"نخنوخ"،وأقررته أنت على ذلك، وزدت الطين بِلة بتصريحك أن المعلمين المضربين لا يمثلون إلا أنفسهم، رغم أن حق الإضراب مكفول والتعبير مكفول للجميع.
سيادة النقيب..أقول لك لقد تحمل المعلمون الكثير ومستعدون للتضحيات، لكن التضحيات التى من ورائها طائل، لا التضحيات التى تجعلهم فى نهاية المطاف فى الحضيض الأسفل، وأعتقد أنه بعد ما ذكرتُ وما لم أذكر، وبعد مرور الدستور من دون المادة 26 تكون قد استنفدت حظك فى منصبك وعليك الرحيل بسلام، فلا عذر لك للبقاء فيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة