قبل أن تقرأ:
ما كنت أخاف منه حدث، وما حذرنا منه كثيرا وقالوا وقتها إنه خيالات مريضة أصبح واقعا ملموسا على أرض مصر تؤكده حالة الاقتتال الأهلى بين المصريين فى شوارع القاهرة والإسكندرية والمحلة وغيرها من المحافظات بسبب الانقسام حول الرئيس المرتبك محمد مرسى، فى يونيو 2011 كتبت هذه السطور عن خطة التقسيم الحقيقية للوطن المصرى، وها هى تتحقق بتفاصيلها.
أنت طبعا سمعت أو قرأت أو أفزعك أحدهم بأى كلام عن تلك الخطة التى اجتمع عدد من الأشرار داخل قبو مظلم يشربون الكثير من النبيذ ويقهقهون وترتفع وتنعقد حواجبهم الكثيفة، وهم يضعون الخطة الشريرة لتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات.. نوبية فى الجنوب، وأخرى مسيحية فى الصعيد، وثالثة إسلامية فى شرق البلاد.
الخطة الشريرة تنضم إلى خطط أخرى أكثر شرا منها يروج لها الإخوان على لسان البلتاجى مثل تنظيم البلطجة والعصابات، وألاعيب أجهزة المخابرات، والجوع القادم بسبب توقف عجلة الإنتاج وغيرها من الفزاعات، التى يتم استخدامها لإقناع الناس بالرضا بما هو مقسوم وبلعبة تغيير الأسماء والوجوه، التى حدثت بعد ثورة 25 يناير كبديل للتغيير الجذرى المفروض والمطلوب.
خطة التقسيم والمؤامرة التى يتم الترويج لها حاليا دون تقديم أى إشارة أو دليل، تبدو كفزاعة جديدة لتثبيط الهمم وشغل الناس عما هو أهم وتتشابه فى روحها مع الفزاعات، التى كان يستخدمها نظام مبارك لتبرير تأخره فى إجراء إصلاحات ديمقراطية وسياسية، بل وتبدو مجرد تعديل أو تحوير لفزاعة نظام مبارك المسماة بالأمن القومى، ذلك المصطلح الفضفاض المطاط، الذى كان يتم استخدامه كلما نادى أحدهم بإصلاح ما.
مفاجأتى لك بعد كل هذا الكلام هى: خطة التقسيم التى تبدو جنينا مشوها خرج من بطن نظرية المؤامرة موجودة فعلا وتحدث بشكل منظم، ولكن ليس كما تم تحفيظها لشباب الإخوان أو غيرهم، خطة التقسيم الحقيقية التى يتم تنفيذها الآن تتعلق بتقسيم المصريين وليس مصر، تقسيمنا نحن إلى ثلاث دويلات، واحدة لأنصار الرئيس «المؤمنون» وثانية لمعارضى الرئيس «الكفار وأعداء الدين» وثالثة لأهل التفكير فى الهروب والهجرة، وفى رؤية أخرى تظهر الدويلات الثلاث كالآتى: الأولى تضم الخائفين.. هؤلاء الذين نجحوا فى إخافتهم من الخونة والبلطجة والانفلات الأمنى والجوع القادم فخرجوا ينادون بأن كفاية مظاهرات ولنجلس فى بيوتنا وندع أهل الحكم يتصرفون، والثانية دولة أصحاب المصالح.. هؤلاء المتحولون الذين أغرتهم المكاسب السريعة فتركوا مواقعهم فوق الجبل وهرولوا نحو الغنائم، أما الدولة الثالثة فهى للمحبطين.. هؤلاء الحالمون المحاصرون بالاتهامات والمصطلحات الشهيرة مافيش فايدة، وليس فى الإمكان أبدع مما كان، والشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية والصبر، «إنتم مستعجلين على إيه»، وغيرها من الكلمات التى أصبح استخدامها مكررا فى وسائل الإعلام وعلى لسان السادة المسؤولين كلما وجدوا شبابا متحمسا أو جماعة أو تيارا سياسيا يضع خططا طموحة ويطلب توقيتات زمنية ووعودا صريحة بالتنفيذ.
هذه هى الخطة الحقيقية لتقسيم مصر.. تقسيمها بشريا وليس جغرافيا، وتقسيم البشر لو تعلمون أقسى وأخطر لأن معه تبدأ حرب جديدة من الكراهية والتخوين، حرب بدأت نارها حينما جعلت كل فئة فى مصر لنفسها ميدانا هو الأطهر والأشرف من غيره، أصحاب المصالح فى مصطفى محمود، والخائفون فى روكسى وأمام المنصة، والمحبطون فى التحرير، ومن كل ميدان تنطلق مدافع الكراهية والتخوين واحتكار مصلحة وحب الوطن صوب الميدان الآخر، دون أن يعلم أحد أن تلك الدانات والقذائف تنزل على رأس الوطن بالخراب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة